قال أحد الطلبة: لقد صدق الغزالي فيما ذكره من ذلك.. ونحن نرى في
وسائل الإعلام الكثير مما يؤكد قوله هذا.. فهل بحث عن أسبابه؟
قال الغزالي: أجل.. فلا يمكن وصف الدواء قبل تشخيص الداء.
قال الطالب: فما الذي ذكره من أسباب ذلك الدنس الذي تمتلئ به نفوس
المتحاورين، والذي يحيل حوارهم وقودا لا يزيد نيران العلاقات إلا اشتعالا.
قال الغزالي: لقد رأيت أن فروع تلك الخبائث التي تملأ نفوس
المتحاورين تنطلق من أربعة أمراض كبرى.. الحسد، والكبر، والرياء، والبغي.. وكلها
ذكرها جدي أبو حامد، بحمد الله.
قال الطالب: فما منبع الحسد، وما علاقته بالحوار.. وما تأثيره فيه؟
قال الغزالي: لقد ذكر أبو حامد الحسد باعتباره الآفة الكبرى التي
تنخر العلاقات.. كما يشير إلى ذلك قوله a:(الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب)[1].. فكل الحسنات التي تنبت من
العلاقات الطيبة بين المتحاورين تأكلها نار الحسد.
قال الطالب: فما العلة النفسية لذلك؟
قال الغزالي: أنت تعلم أن المحاور تارة يغلب وتارة يُغلب، وتارة يحمد
كلامه وأخرى يحمد كلام غيره.. وهو لذلك إن حمد كلامه امتلأ إعجابا بنفسه.. وإن حمد
كلام غيره امتلأ حسدا وحقدا.. فهو لذلك يتمنى زوال النعم عنه وانصراف القلوب
والوجوه عنه إليه، ولهذا قال ابن عباس :(خذوا العلم حيث وجدتموه، ولا تقبلوا قول
الفقهاء بعضهم على بعض فإنهم