responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 584

وهذا ما كان لبني إسرائيل، إذ يظهر أنهم في بدء أمرهم كانوا يتصوّرون الله بصورة الأب، ويحسبونه والدًا، ويحسبون الملائكة وسائر الناس أولادًا له.. ثم ضاق نطاق تفكيرهم؛ فلم يبق للإله أولاد عندهم سوَى بني إسرائيل.. ويوجد في بعض صحف بني إسرائيل ما يدل علَى أن الرابطة كانت بين الإله وبني إسرائيل كالرابطة الَّتِي تكون بين الزوج وحَلِيلته، وأن بني إسرائيل وأورشلم حلائل والإله زوجهن.

وقد حصل للمسيحيين خطأ قريب من هذا حين جعلوا ما كان بادئ بدء استعارة كأنه حقيقة ثابتة، وانقلب تشبيه الإله بالأب؛ لحنانه علَى نبيه المسيح، ورأفته به؛ فاعتبروه حقيقة، والإله الَّذِي لم يلد ولم يولد اعتبروه والدًا والمسيح ولده.

وهذا ما حصل لقدماء العرب من ظنهم بالله أنه أب، والملائكة بنات له.

هذا الأول.. وأما الثاني.. وهو من الأخطاء الكبرى التي وقع فيها الانحراف عن التوحيد، فقد رأيت أن أتباع الأديان السابقة للإسلام قد فَصَلت صفات الله عن ذاته؛ فجعلت صفاته مستقِلّة عنه؛ وبذلك تعددت الآلهة، وكثرت في جميع الفِرَق الهندوكية من الدين البرهمي.

وقد وجدت أن سبب ذلك هو أنهم اتخذوا من كل صفة إلهيّة إلهًا، وجسَّموا تلك الصفة في صورة، أو صاغوها في قالب، ثم وسَّعوا نطاق الشِّرْك، وطبَّقوه علَى جميع ما شبِّهت به صفات الإله من مختلف التشابيه ومتنوَّع التماثيل، وصاغوا هذِهِ الصفات وما شبِّهت به في صور وتماثيل وأوثان، وبعد أن كان الله إلهًا واحدًا لا إله غيره صار لهم ثلاثون وثلاثمائة مليون من الآلهة.

لقد بحثت في سر كل هذا التعدد، فرأيت أنهم عندما أرادوا ـ مثلا ـ أن يعبِّروا عن قوة الله وقدرته نَحَتُوا لله يدين قويتين من الحَجَر.. بل سوَّلت لهم أنفسهم أن ينحتُوا له كثيرًا من الأيدي.. باعتبار أن اليد مظهر من مظاهر القوة والبطش.

اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 584
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست