اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 583
الأمور لا يخرج من بحثه بشيء.
ونوع فيه ذكر لله.. ودعوة إلى الإيمان به.. وقد وجدت من خلال
البحث المستقصي عن حقائق هذا الإيمان أن الأديان السابقة للإسلام، والَّتِي كانت
تدعو إلى توحيد الله؛ قد تطرَّق إليها الفساد في أمر التوحيد؛ لوجوه ثلاثة:
الأول: التشبيه والتمثيل، أي: أنهم قد شبَّهوا الله بغيره من
خلقه.
والثاني: أنهم جعلوا لله صفات منفصلة عنه ومستقلّة.
والثالث: أنهم اغتَروا بكثرة المظاهر في العالم، وخُدِعُوا
بضروب من مصنوعات الله وآثار مقدوراته.
سأضرب لكم أمثلة تقرب لكم ذلك:
أما الأول، وهو التشبيه والتمثيل الذي يتعالى الله عنه، فقد
وجدت أن أهل المِلَل والنِّحَل ـ من غير الإسلام ـ اختاروا طرقًا، واتخذوا وسائل
لمعرفة ما لله من الصفات الجليلة، والصِّلَة الَّتِي بينه وبين خَلْقه؛ فشبَّهوه
بأجسام مختلفة، ومثَّلوا صفاته في ضروب من الصور والأشكال؛ فلما طال عليهم الأمد؛
بقيت هذِهِ الصور الممثَّل بها، وزال عن قلوب الناس اسم الله الَّذِي لم يزل ولا
يزال، فصارت المشبه بها أوثانًا وأصنامًا وتماثيل، وطفق الناس يعبدونها ويسجدون
لها؛ ظنًّا منهم بأنها مظاهر صفات الله ومشاهد قدرته، وتفنَّنوا في تصوُّر صفات
الله بهذه التماثيل المنحوتة والأوثان المصنوعة.
أنا لا أشكك في أن الله يحب عباده ويرأف بهم ويحن عليهم.. لكن
الجاهلين جعلوا لحب الله عبادة، ولرأفته بهم تمثالًا من حَجَرٍ أو غيره.. وهكذا
ظهر الإله عند الروم والإغريق في صورة امرأة.. أما الأمم السامية؛ فقد تمثّل الإله
عندها رجلًا وأبًا؛ إذ كان ذِكْر المرأة عندها علَى ملأ من الناس مخالِفًا للآداب
السامية، وكان الأب هو رأس الأسرة وأصلها؛ ويدلّ عليه: ما استُخْرِج من بطون الأرض
في بابل وآثور وديار الشام من تماثيل تصوّر الإله بصور الرجال.
اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 583