اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 576
هؤلاء الرواة من الصحابة والتابعين ومَن بعدهم مِن العلماء
الَّذِين رووا شيئًا مما يتعلق بحياة محمد، فكتبوا أسماءهم وكُناهم وأنسابهم
ومنشأهم وأخلاقهم وعاداتهم؛ وبالجملة؛ أحصوا شؤون حياتهم كلها؛ حتى أصبح ما كتبوا
في هذا الباب عِلْمًا مستقلًّا سميَ فيما بعد (عِلْم أسماء الرجال)
لقد حفظ التاريخ أسماء عشرة آلاف من الذين رأوا محمدا مذكورة
أسماؤهم وأحوالهم في كتب التاريخ الَّتِي أُفْرِدَت لتدوين أحوالهم خاصة..
والتاريخ لم يهتمّ بتدوين أحوالهم، ولم يحفظ لنا شؤونهم إلَّا لأنّ كل واحد منهم
حفظ شيئًا من أقوال محمد وأفعاله وتصرّفاته وهَديه وسيرته.
لقد كان الآلاف من الناس قد انتدبوا للتبليغ عن رسول الله a؛ لأن محمدا هو
الَّذِي أمرهم بذلك فقال: (بلِّغوا عني)، وقال: (لِيبلِّغ الشاهدُ الغائبَ)؛
فكانوا يعلِّمون أولادهم وإخوانهم وأصحابهم وأقرباءهم من الدِّين والعلم كل ما
كانوا يعلمونه؛ فكان ذلك شُغلهم وهَمّهم آناء الليل وأطراف النهار وفي الغُدُوّ
والآصال.
وكما كان محمد يحرِّض علَى أن يبلِّغوا عنه ويَفقَهوا تشريعه
وينشروا دعوته وأحكامه؛ كان ينهَى الناسَ عن أن يتقوَّلوا عليه ما لم يقل، أو
ينسِبُوا إليه ما لم يفعل، وكان يُنذِر مَن يتعمّد الكذب عليه بأنه سيتبوَّأ نار
جهنم.
قال رجل من الجمع: فقد اعتمد المبلغون عن محمد إذن على ما
اختزنته ذاكرتهم من مرويات..
قال سليمان: لقد كان ذلك من دواعي ثقتي فيما رووه.. فالذاكرة
أفضل سجل يمكن أن يخزن المعلومات.. أما الكتاب، فمن السهل العبث به وتغييره
والتلاعب به.
لقد عرفتم ما حصل لأسفار الأنبياء بسبب اهتمام رجال الدين
بكتابتهم، وتقصيرهم في حفظها.. ولو حفظوها في صدورهم ما استطاعت قوة في الدنيا أن
تسلبنها منهم.
اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 576