responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 574

إن العقل السليم يدل ـ بشواهد كثيرة لا يمكن إحصاؤها ـ على أن السيرة الَّتِي يحق أن يتخذ الناس مِنها أسوة حسنة ومثلًا أعلى؛ يُشْتَرط لها قبل كل شيء أن تكون سيرة (تاريخية)، أما السيرة القائمة علَى أساطير لا تدعمها الروايات الموثوق بصحتها؛ فإن من طبيعة الإنسان أن لا يتأثر بما يُحْكَى له من سيرة لشخصية مفترضة لا يعرف لها التاريخ أصلًا صحيحًا؛ وإنما اخْتلَق لها المناقب أناسٌ أحسنوا الظن بها، ورفعوا مكانها، وقد يَخْدَعون بهذه المناقب بعض الناس أمدًا قصيرًا حين يعرضونها عليهم في حُلَّة قشيبة من الألفاظ، وثوب قشيب من العبارات، ثم لا تلبث الحقيقة أن تظهر من وراء غلائل الأوهام؛ فيُعْرِض الناس عنها إعراضًا؛ لأنها قامت علَى غير أساس من التاريخ.

لا بُدَّ لكل سيرة من سير الكمال الإنساني يدعى الناس إلَى الإقتداء بها واتخاذها أسوة؛ أن يدعمها التاريخ ويشهد لها المحققون؛ ولهذا نرى النفوس البشرية لا تتأثر بالأساطير والأوهام كتأثرها بحوادث التاريخ والروايات الثابتة عن الثقات الأثبات؛ وذلك لأن سيرة الرجل العظيم الكامل لا تُعرَض علَى الناس ليشغلوا بها أوقات فراغهم، ويروِّحوا بها عن أنفسهم في حالة المَلل أو الضجر؛ بل تُعرَض عليهم ليُدْعوا إلَى الإقتداء بها، واتخاذها نبراسًا لحياتهم.

قال رجل من الجمع: قد وعينا ما ذكرته.. ونحسب أنا لا نخالفك فيه.. ولكن هل يمكن أن يكون هناك بشر على هذه الأرض حفظ التاريخ من سيرته ما يمكن أن يكون منارة تهتدي بها البشرية؟.. ثم يكون حفظ التاريخ لسيرته خاليا من كل خرافة بعيدا عن كل أسطورة.

قال سليمان: أجل.. المنطق السليم يدل على ضرورة وجود مثل هذا الرجل.. فالخالق المدبر الذي دبر كل شيء يستحيل أن لا يدبر هذا.. فحياة البشر جميعا واستقامتهم تتوقف على هذا.

قالوا: فهل وجدته؟

اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 574
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست