اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 572
لقد قلت مخاطبا بوذا..: (اعذرني يا بوذا.. فمع أن عدد المنتسبين
إليك رُبع سكان المعمورة، إلا أن التاريخ لم يحفظ مِن سيرتك إلَّا عدة أقاصيص
وحكايات؛ لو أننا نقدناها بمقاييس التاريخ ـ لنتخذ لأنفسنا قدوة من حياتك وسيرتك
ـ لخرجنا مِن ذلك خاسرين)
وقلت مخاطبا زردشت: (إن المعلومات التي وردتنا عنك قليلة باهتة
متناقضة.. فلسنا ندري أيها أنت.. هل أنت زرادشت الَّذِي عرفناه مِن أبيات شعرية في
(كاثا)، أو أنك زرادشت الَّذِي نراه في (وستا) الجديدة.. وخلاصة ما نعلمه عنك ـ إن
صح ـ هو أنك وُلِدت في مقاطعة أذربيجان، ونَشرت دعوتك في بلخ وأطرافها، وأن الملك
(هشتاسب) دخل في دِينك، ثم ظهرت علَى يدك معجزات، وقد تزوجت ووُلِد لك أولاد، ثم
تُوفيت بعد كل ذلك.. فهل يمكن لهذه المعلومات الضئيلة أن تتأسس عليها حياة أحد من
الناس)
وقلت مخاطبا موسى: (اعذرني يا موسى.. لا شك أنك عظيم من
العظماء، وأن الله اختارك في يوم من الأيام لتكون واسطة بينه وبين عباده.. ولاشك
أنك مِن أكثر الأنبياء ذِكرًا وأوضحهم حياة.. ولكن حياتك مع وضوحها لاتكفي لتبنى
عليها حياتنا.. إن الأسفار الخمسة مِن التوراة التي فصلت تفاصيل حياتك ـ بغض النظر
عن ذلك الانقطاع الخطير في سندها ـ لا تكفي لاتخاذك أسوة)
نظر سليمان إلى الجمع، وقال: لا شك أن فيكم يهودا ومسيحيين..
ولا شك أنهم يعرفون أن الأمور الَّتِي كان يحتاج البشر إلَى معرفتها مِن حياة موسى
الاجتماعية هي الأخلاق والعادات والهدي، وكل ذلك لا نجده في سيرته.
أما ذِكر أسماء الرجال وأنسابهم وأماكنهم وبلادهم وعددهم فمما
لا يهمنا عِلْمه في مقام القدوة والأسوة والهداية، مع أنه هو الَّذِي نراه مفصلًا
في التوراة.. وكذلك نرى فيها شيئًا كثيرًا مِن القوانين والمبادئ والأصول، لكن
هذِهِ الأمور والتي سبقتها مهما تكن أهميتها عند علماء الجغرافيا والأنساب
والحقوق؛ فإنها لا تعنينا نحن مِن جهة الأسوة والقدوة في الحياة،
اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 572