ويمدانها بالحياة، أما ذكر الله، فهو غذاء الروح ومددها، ولا
حياة لمن لم تحيا روحه.. لقد قال a يذكر ذلك: (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي
والميت) [1]
قال آخر: لقد أخبر رسول الله a الراغبين في جوائز الله عن جوائز
الذاكرين، فقال: (لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة،
ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده) [2]
قال آخر: وأخبر المتنافسين على السبق أنه لا يسبق إلا
الذاكرون.. كان رسول الله a يسير في طريق مكة، فمر على جبل يقال له جمدان فقال: (سيروا هذا
جمدان، سبق المفردون)، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: (الذاكرون الله
كثيرا والذاكرات) [3]
قال آخر: وأخبر الفقراء إلى الله من أصحاب الحوائج أنه لا تقضى
حاجاتهم بشيء كما تقضى بذكر الله، فقال: (إن لله ملائكة، يطوفون في الطرق يلتمسون
أهل الذكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجتكم، قال: فيحفونهم
بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، قال: فيسألهم ربهم عز وجل وهو أعلم منهم: ما يقول
عبادي؟ قال: يقولون: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك، قال: فيقول عز وجل: هل
رأوني؟ قال: فيقولون: لا والله ما رأوك، قال: فيقول: كيف لو رأوني؟ قال: يقولون:
لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيدا، وأكثر لك تسبيحا، قال: فيقول: فما
يسألوني؟ قال: يسألونك الجنة، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: فيقولون: لا والله يا رب
ما رأوها، قال: يقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: كانوا أشد عليها حرصا، وأشد لها
طلبا، وأعظم فيها رغبة، قال: فمم يتعوذون؟ قال: يقولون: من النار،
[1] رواه البخاري ومسلم، ولفظ مسلم: (مثل البيت الذي يذكر
الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت)