اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 304
قال بديع الزمان: إذا غيرنا العامة
تغيروا.. ألم أقل لك: إن الساسة ليسوا سوى عامة.. فإذا غيرنا العامة وهذبنا
سلوكهم، ورفعنا أخلاقهم، وربطناهم بالله.. فإننا ننشئ منهم دولة الله التي لا
تستطيع أي قوة في الدنيا أن تحطمها؟
انصرف الرجل، وهو يقول: صدقت.. دولة الله
التي يحكمها الله لا يمكن أن تنشئها الأهواء.. ولا الأغراض.. دولة الله لا يمكن أن
ينشئها إلا الأرواح المتجردة من غير الله.
سألت النورسي عن هذا الرجل الغريب الذي
دخل، ثم خرج من غير أن يعرفنا بنفسه، فقال لي: ذلك شيء لا يمكن أن تفهمه الآن..
قلت: فقربه لي..
قال: لقد قال الله تعالى يصف الإخوان في
الجنة:﴿ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ (الحجر: 47)، وقد ذكر المفسرون في
تفسيرها قوله a: (إذا دخل أهل الجنة الجنة
اشتاقوا إلى الإخوان فيجيء سرير هذا حتى يحاذي سرير هذا فيتحدثان فيتكىء ذا ويتكىء
ذا فيتحدثان بما كانا في الدنيا فيقول أحدهما لصاحبه يا فلان تدري أي يوم غفر الله
لنا يوم كنا في موضع كذا وكذا فدعونا الله فغفر لنا)[1]
قلت: ذلك في الجنة..
قال: وفي الدنيا جنة من لم يدخلها لم
يدخل جنة الآخرة..
***
لم يكن بديع الزمان وحده بذلك التجرد..
بل كان الكل.. كل الذين كانوا معه كانوا في منتهى الصفاء والإخلاص والتجرد..
لا يمكنني أن أحدثكم عنهم جميعا.. ولكني
سأحدثكم عن موقف بسيط له علاقة