اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 301
هيأها الله لنا سرابا لا يسمن ولا يغني
من جوع..
أذكر أني وقفت في تلك المحكمة التي وجهت
لي تلك التهم بقوة، وقلت[1]: نحن طلاب النور من ورثة رسول
الله a آلينا على أنفسنا ألاّ نجعل من
أنفسنا أداة طيعة للتيارات السياسية، بل للكون كله، فضلاً عن أن القرآن الكريم قد
منعنا بشدة من الاشتغال بالسياسة.
نعم، إنا نشعر أن مهمتنا الأساسية هي:
خدمة القرآن الكريم، والوقوف بصرامة وحزم في وجه الكفر المطلق الذي يودي بالحياة
الأبدية ويجعل من الحياة الدنيا نفسها سماً زعافاً وجحيماً لا تطاق.
ومنهجنا في ذلك: هو إظهار الحقائق
الإيمانية الناصعة المدعمة بالأدلة والبراهين القاطعة التي تلزم أشد الفلاسفة والمتزندفة
تمرداً على التسليم بالإيمان.. لذا فليس من حقنا أن نجعل من أشخاصنا أداة لأي شئ
كان، وذلك لأسباب:
أولاً: كي لا تحول الحقائق القرآنية التي
تفوق الألماس نفاسة إلى قطع الزجاج المتكسر في نظر أهل الغفلة، حيث يتوهمونها
كأنها دعاية سياسية تخدم أغراضاً معينة، وكي لا نمتهن تلك المعاني القرآنية
القيمة.
ثانياً: إن منهجنا يتمثل في الشفقة
والعدل والحق والحقيقة والضمير.. وكل هذه المعاني تمنعنا بشدة عن التدخل في الأمور
السياسية أو بالسلطة الحاكمة، لأنه اذا كان هناك بعض ممن ابتلوا بالإلحاد واستحقوا
بذلك العقاب، فإن وراء كل واحد منهم عدداً من الأطفال والمرضى والشيوخ الأبرياء.
فاذا نزل بأحد أولئك المبتلين المستحقين للعقاب كارثة أو مصيبة، فإن أولئك
الأبرياء أيضاً سيحترقون بنارهم دون ذنب جنوه.
ثالثا: إن حصول النتيجة المرجوة من
ممارسة السياسة أمر مشكوك فيه، لذا مُنعنا بشدة
[1] هذا بعض ما قاله بديع الزمان في (الدفاعات) انظر: الشعاع
الرابع عشر، ص: 403.. وقد تصرفت في النص بما يستدعيه المحل.
اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 301