اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 294
فإذا امتلأت النفوس رهبة سهل على ساستنا بعد ذلك أن يملوا على
هؤلاء الحمير ما يشاؤون.
قلت: ولكني لست حمارا.
قال: لن تصير مواطنا صالحا حتى تصير حمارا.. فإن أبيت، فإن كل
شرطي من أصحابي يحن إلى أن يرى دمك، وهو يسيل على الطرقات..
قال ذلك، ثم نظر نظرة قاسية إلي، وقال: أظنك قد فهمت رسالتي..
قلت: فهمت خطرك.. ولكني لم أعرف رسالتك.
قال: بهذه الجبال رجل يسمى (بديع الزمان) لا نريد منك أن تراه..
ولا أن تسمع أي كلمة من كلماته..
ولهذا الرجل أتباع، هم يختفون كما تختفي الأشباح، فإياك أن
تلتقي بهم أو تحدثهم.
ولهذا الرجل رسائل يسميها (رسائل النور) فإياك أن تقرأها.
ما قال ذلك حتى ناداه رجل آخر هو أعلى منه درجة ليصب فيه ما صب
في من غضب.
نظر الوارث إلينا، وقال: لقد كانت كلمات هذا الشرطي الشديدة
نعمة لا تدانيها أي نعمة، فبسببها تعرفت على تلاميذ بديع الزمان، وبسببها التقيت
به، وبسببها قرأت رسائل النور.. مع أني لم أكن في الأصل إلا مارا بتلك البلاد، ولم
يكن لي نية بالمقام فيها.
قالت الجماعة: حدثنا كيف التقيته؟
استغرق الوارث فترة، وكأنه يريد أن يصور لنا ما لا تستطيع
العبارات أن تصوره، ثم قال: لن أحدثكم كما تعودت أن أحدثكم.. ولكني سأذكر لكم بدل
ذلك ما يمكن أن تستفيدوا منه..
نعم هي استنتاجات مني.. ولكنها استنتاجات وجدت لها من البراهين
التي يصدقها ما ملأ قلبي ببرد اليقين.
لقد رأيت في بديع الزمان وفي الثلة الذين كانوا معه، وتربوا على
يديه، أربع صفات، لا يمكن اجتماعها إلا في الوارث الحقيقي الذي ورث النبوة في هذا
الجانب..
اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 294