responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 208

نظر إلي، وقال: تأمل حسن هذا المثال، ومطابقته للواقع؛ فإن الدنيا في خضرتها كشجرة، وفي سرعة انقضائها وقبضها شيئًا فشيئًا كالظل، والعبد مسافر إلى ربه، والمسافر إذا رأى شجرة في يوم صائف لا يحسن به أن يبني تحتها دارًا، ولا يتخذها قرارًا، بل يستظل بها بقدر الحاجة، ومتى زاد على ذلك انقطع عن الرفاق[1].

لقد أشار رسول الله a إلى هذا في حديث آخر، فقد روي أنه a كان واقفًا بعرفات، فنظر إلى الشمس حين تدلت مثل الترس للغروب، ثم قال: (أيها الناس إنه لم يبق من دنياكم فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه)[2]

إن هذا الحديث يشير إلى أن الدنيا كلها ليست سوى يوم واحد بعث رسول الله a في آخره قبل غروب الشمس بيسير.

سكت قليلا، ثم قال: لقد ضرب رسول الله a لقيمة الدنيا مثالا آخر ينطبق عليها تماما، ففي الحديث أن رسول الله a مر بالسوق، داخلاً من بعض العَوَالي، والناس كنفتيه، فمر بجدي ميت أسك[3]، فتناوله وأخذ بأُذنه، ثم قال: أيُّكم يحب أن هذا له بدرهم؟ قالوا: ما نحب أنَّه لنا بشي، ما نصنع به؟ إنه لو كان حيًا كان عيبًا فيه أنَّهُ أسكُّ. قال: (فوالله للدُّنيا أَهون على الله من هذا عليكم)[4]

قلت: وعيت هذه الأمثلة.. وهي تنطبق على الدنيا كما ذكرت.. ولكني أتساءل، ولست أدري هل يحق لي أن أتساءل أم لا..؟

قاطعني، وقال: لقد تساءلت مثلك كثيرا إلى أن وقعت في بحار التسليم التام.. فسل ما


[1] عدة الصابرين:279.

[2] رواه أحمد.

[3] الأسك: مقطوع الأذن أو صغيرها.

[4] رواه مسلم.

اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 208
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست