responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 197

رابعا ـ الزاهد

خرجت من العراق قاصدا اليمن.. وبمدينة من مدنها تسمى (قرن)[1] نزلت.. لعلكم تعرفونها.. لقد كانت في ذلك الحين مضمخة بعطر الزهد والإيمان، وكأنها تصيح بملء فيها مصدقة بما أخبر عنه رسول الله a حين قال: (أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة، وألين قلوبا، الايمان يمان، والحكمة يمانية)[2]

رأيتها، وهي تبادل رسول الله a الأشواق حين قال: (أين أصحاب اليمن؟ هم مني وأنا منهم، وأدخل الجنة فيدخلونها معي، أهل اليمن المطروحون في أطراف الأرض، المدفوعون عن أبواب السلطان، يموت أحدهم وحاجته في صدره لم يقضها)[3]

لست أدري كيف انتابني ذلك الشعور في مدخل تلك المدينة العريقة..

لقد استوى عندي التبر بالتراب.. والأكواخ بالقصور.. والمراكب الفخمة التي أتقن صنعها أهل عصرنا بتلك المراكب البسيطة التي كانت تزدان بها طرقات قرن.

لقد قلت لنفسي: ما فائدة اللهث وراء دنيا تختم بالموت.. وما جدوى الاحتراق بوهج الحرص، وما في القناعة يكفي لحياة مليئة بالسعادة غير مكدرة بأي منغص.

لقد كنت ألاحظ في شوارع تلك المدينة البسيطة المارة وهم ممتلئون بسعادة لم أر لها نظيرا في المدن العالمية الكبرى التي زرتها مع أن أولئك القرنيين لم يكونوا يملكون من الدنيا قليلا، ولا كثيرا.

اقترب مني بعض المارة حين رآني غريبا، وقال: أراك تبحث عن شيء.. فهلا ذكرته لي


[1] (قَرْن) إحدى مدن اليمن، وإليها ينسب أويس القرنيّ..

[2] رواه البخاري ومسلم، وفي رواية أخرى: (أتاكم أهل اليمن هم أضعف قلوبا وأرق أفئدة، والفقه يمان والحكمة يمانية)

[3] رواه الطبراني في الكبير.

اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 197
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست