اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 469
اقرأ سورة يوسف في القرآن، وقارنها بكتابنا المقدس[1] لترى
سر تلك النزعة النبيلة التي صاحبت الفن الإسلامي مقارنة بأدبنا وفننا الذي استوحى
بذاءته وفحشه من نفس القصة في الكتاب المقدس.
قلت: فننا يصور الواقع كما هو.. ويحاول أن
يعالجه من خلال ذلك.
قال: وهذا سر انحرافه وجاهليته.. الفن
الراقي النبيل هو الذي يملأ النفس طهرا وعفافا وسموا.. وهو الذي يعين النزعة
الطيبة في النفس، لا الذي يعين الشياطين عليها.
إن الواقع الذي يبحث عنه فننا هو الواقع الهابط.. المنسلخ من
الدين.. ومن القيم.. ومن الأخلاق!
ففى الفترة التى استغرقتها الرومانسية وارتدت بعدها إلى الواقع
كان الناس قد ساروا خطوات على خط العلمانية المنسلخة من الدين فهبطوا، فجاءت
الواقعية لترصد واقعهم حيث هم.. ثم تقول هذا هو الواقع البشرى!
فأما كون هذا هو الواقع الذى كان عليه الناس وقتئذ فهذا حق لا
شك فيه، وأما أن هذا الواقع البشرى على إطلاقه فأمر يكذبه التاريخ، وتكذبه فترات
الهدى فى حياة البشرية، التى ارتفع الناس فيها إلى قمم تبدو ـ فى هذا الواقع
المنحرف ـ كأنها خيالات، ولكنها كانت واقعا عاشه الناس بالفعل، وينبغى أن يحاولوا
على الدوام أن يعودوا إلى ذلك المستوى السامق أو يعودوا إلى قريب منه.
قلت: أتريد من الفن أن يدارى على هبوط الناس
وأن يصورهم فى صورة غير واقعية من أجل إرضاء المثل العليا[2].
قال: لا.. فالفن المزور لا يستطيع أن يعيش..
لكن هناك فرقا بين تصوير الواقع على أنه