اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 392
قالت: لا تعرف قيمة الفضائل إلا إذا قارنتها بالرذائل.. ولا
يعرف شرف الحقائق إلا إذا قارنتها بالأباطيل.
قلت: فبأي جاهلية تحبذين أن نبدأ حديثنا؟
المسيحية:
قالت: بالمسيحية.. بالدين الذي تنتسب إليه هذه الحضارة.. أو
بالدين الذي تخلصت منه هذه الحضارة.
قلت: لا علاقة للمسيحية بالعلوم.. فالمسيحية دين الملكوت لا دين
الملك.. وهي تبحث في حقائق الأزل، لا في أباطيل الفناء.
قالت: لقد أتيحت للمسيحية، ولرجال الدين، وللكنيسة أن تكون لها
في فترة طويلة علاقة بالعلم.. فتعال بنا نرى ماذا فعلت في تلك الفرصة العظيمة التي
أتيحت لها[1]؟
نظرت إلى عناقيد العنب المتدلية، وقالت: بمثل التحريف الذي يريد
أخي أن يحرف به هذه العصارات المباركة، حرفت الكنيسة الحقائق.. فتبنت الجهل الذي
اعتبرته علما، وقاومت العلم الذي اعتبرته جهلا.. فأخطأت خطأين لا نزال نصلى
نارهما: نصرت الجهل، وحولت العلم عن وجهة الدين، لينفصل عن الدين.
قلت: فحدثني عن الخطأ الأول.
قالت: كما تسربت الوثنيات إلى عقائد المسيحية، وتسربت طقوس
الوثنية إلى شعائرها، تسربت الخرافات إلى علومها.. ولم تكتف بقبولها، بل راحت
تحتكرها، وتعتبرها عقائد لازمة يحرم من جحدها.
يقول برنتن: (إن أكثر أصحاب الوظائف العلمية حتى في أوج العصور
الوسطى كانوا
[1] انظر المراجع التي تتحدث
عن العلمانية التي سبق ذكرها.
اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 392