اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 330
ألا ترى كيف يأمر القرآن بذكر الله في حال
القتال ليذكر المقاتلون أنهم لا يقاتلون رياء ولا حمية ولا ثأراً ولا استعلاءً
وإنما يحاربون في سبيل الله..
وحين تشتعل نار الحرب يجب أن يذكر الجيش
المحارب أنه يخوض حرباً دفاعية لتحرير الضعفاء والمضطهدين، فليضيق حدودها حتى لا
يصطلي بنارها إلا من حمل السيف وبدأ العدوان، فلا تؤخذ أمة العدو كلها بجريرة
جيشها أو فريق منها اعتدوا على أمتنا:﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا
تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ (البقرة:190)
وهنا يسمو الإسلام إلى منتهى ذروة الإنسانية
حين يحرم قتل الشيخ الكبير والعاجز والمرأة والصبي ورجل الدين المنقطع للعبادة
والفلاح والمسالم الذي لم يشترك في القتال.
فإذا رغب المحاربون في الصلح عند اشتداد
المعركة أمر الإسلام المسلمين بأن يقبلوا الصلح منهم ولو أشرفوا على النصر، ثم
الوفاء بما تم عليه العهد:﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا
الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً
إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ (النحل:91)
فإذا بدا منهم بعد ذلك نية الغدر والخيانة
فإن الإسلام ينهى عن مفاجأتهم بالقتال، بل لا بد من إخبارهم بانتهاء العهد بين
المسلمين وبينهم وفسح المجال لهم ليستعدوا للحرب والقتال، وهذا هو النبذ الوارد في
الآية:﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ
قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ
الْخَائِنِينَ ﴾ (لأنفال:58)
وإذا انتهت المعركة باستسلام العدو وانتصار
الأمة، فلا عدوان على الأعراض، ولا تخريب للمدن، ولا استلاب للأموال ولا إذلال
للكرامات، ولا اندفاع وراء الثأر والانتقام، وإنما هو الإصلاح والتحرير والعدالة
ونشر الخير ومكافحة الشر:﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ
وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ
وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ (الحج:41)
اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 330