اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 226
قال: أرأيت لو كنت معلما.. وكان لك تلاميذ..
وكان أكثرهم مشاغبين لا علاقة لهم بالعلم، ولا اهتمام لهم به.. وراحوا يطالبونك
بانتخابات تحدد لهم الدروس التي يقرؤونها، والمنهج الذي تدرسهم به.. أترى هذا
الأسلوب نافعا لهم؟
قلت: لا أراه مجديا معهم.. فهم سيرمون جميع
الدروس في سلة المهملات.. وسيجعلون من المدرسة ملعبا لأهوائهم وشغبهم.
قال: فهكذا هذه الديمقراطية المزيفة.. إنها
تتيح للص والمجرم والقاتل والمنحرف من الأصوات ما تتيحه للمفكر والعالم والعبقري.
وهي مع ذلك لا تتيح لهم إلا حرية محدودة في أطر رسمتها [1].. فالمتتبع لواقع حرية الرأي في
الفكر الغربي يجدها قد قيدت بقيدين: أولهما سيطرة الاحتكارات الرأسمالية الكبرى
على وسائل الإعلام، وقدرتها على توجيه الإعلام، والتحكم في مصادر الأخبار
والمعلومات.. وثانيهما تلك القيود المثيرة التي تفرضها الدولة، بحجة عدم الاعتداء
على حريات الآخرين، والمحافظة على الأمن الداخلي، والتي غالباً ما تستخدم كذريعة
للحد من قدرة الأفراد على التعبير عن آرائهم.
قلت: والإسلام.. لقد سمعت أنه يكبت حرية
الرأي!؟
قال: هو يكبت حرية الرأي الذي يريد أن يخرب
المجتمع، أو يفتت وحدته، أو يحول وجهته عن الله الذي خلقه..
أما الرأي الذي يكون نصحا أو نقدا بناء.. فإن الإسلام لا يكتفي
باعتباره حقا.. بل يعتبره واجبا على الكل.. وهو لا يسميه رأيا.. بل يسميه نصيحة،
ويشرع له من الأخلاق ما يضعه في قمة قمم الأدب.
[1] انظر: د. محمد مفتي/ د.
سامي الوكيل، الحرية السياسية الغربية وحق إبداء الرأي في التصور الإسلامي.
اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 226