اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 151
ولما كانت كلمة بيناه التي تعني (الفهم) تعني في الوقت نفسه
(الأم)، فإن الرجل الذي يخطئ جنسياً يكون في الوقت نفسه كأنه قد (كشف عن عرى الأم)
وفرويد يخال أنه وصل إلى الفهم (بيناه) بالكشف عن اللاشعور، أي
الكشف عن عرى العقل في الإنسان. ويتضمن مفهوم الموقف الأوديبي خيال الأم العارية.
والمعرفة (داث) في التراث القبَّالي تَنتُج من اتحاد الحكمة والفهم، والمعرفة
(الاستبصار) عند أصحاب التحليل النفسي الفرويدي ثمرة اتحاد الشعور واللاشعور. وهذا
الاتحاد في ذاته كما يقولون خبرة شهوية عميقة من حيث أنه يتناول الكشف عن الموقف
الأوديبي، أي اكتشاف المرء عقدة أوديب داخل نفسه والكشف عنها ثم الكشف عما تنطوي
عليه من خيال الأب والأم في العلاقة الجنسية، ومن حلول الطفل، خيالاً أيضاً، محل
الأب في هذه العلاقة.
والعلاقة بين المعرفة والجنسية لها شواهد أخرى عند فرويد أيضاً،
فقد ذكر في مجموعة مقالاته أن الطفل في سن الثالثة إلى الخامسة، حين تصل حياته
الجنسية إلى قمتها الأولى، يبدأ يبدي من النشاط ما يمكن أن يُعزَى إلى رغبته في التقصي
والمعرفة، كما أن الرغبة في المعرفة لدى الأطفال، فيما يرى فرويد، تتجه على نحو
عنيف وفي فترة مبكرة إلى المشكلات الجنسية. بل إن التحليل الفرويدي ليمضي في هذا
الاتجاه إلى مدى أبعد فيزعم أننا نكون أكثر دقة إذا قلنا إن هذه المشكلات
(الجنسية) قد تكون أول ما ينبه رغبته في المعرفة عموماً.
ومن نقاط الالتقاء تلك المرتبطة بما جاء بالزوهار من نسبة
الجنسية الثنائية للإنسان، فالإله ينطوي داخل نفسه على الشخيناه وهي مرادفه
الأنثوي. وآدم الذي خُلق على مثال الإله كان ينطوي على مرادف أنثوي هو الضلع الذي
خُلقت منه حواء، والفكر القبَّالي ينطوي على أن الذكر والأنثى قطبان لكيان واحد،
كما أن الزوهار يتضمـن أن (الإلــه لا يبـارك مكاناً إلا حيـث يجتمــع فيــه رجل
وامرأة، وأن الرجل لا يُسمَّى رجلاً إلا إذا اتصـل بامرأة، والرجل غير
اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 151