اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 150
لها ما يبررها، فالجنس ـ حسب تصور فرويد ـ ليس وراء كل سقم نفسي
وحسب، بل إن طاقته هـي المحرك أيضـاً لكل ما يَصدُر عنه من وجوه النشـاط من لحظة
أن نُولَد، والجنس ليس مقصوراً على العلاقة الجنسية، ولكنه في واقع الأمر صورة
مجازية تتخلل على نحو ما كل النشاط الإنساني، وضمن ذلك نشاط الإنسان العلمي
والفني، وهذا لا يختلف كثيراً عن استخدام القبَّالاه للجنس كصورة مجازية أساسية في
رؤيتها للعالم، فقد عزا التراث القبَّالي إلى الإله صفة الجنسية، فالتجليات
النورانية العشرة (سفيروت) كان يتم التعبير عنها من خلال رموز وصور مجازية جنسية،
وتُعدُّ الشخيناه (السفيروت العاشر) التعبير الأنثوي عن الإله.
وفي صدد ما جاء عن الجنس في التراث القبَّالي يذكر باكان أن هذا
التراث يتضمن عشرة أسفار هي الفيض القدسي والسلطات الخفية للإله، وكل جزء منها
مرتبط بجانب من الإله. وتاسع هذه الأسفار اسمه (يسود) أي الأساس، ومكان اليسود
الأعضاء الجنسية لآدم قدمون أو الإنسان الأول وهو المايكروكوزم (العالم الأصغر)
الذي يقابل الماكروكوزم (العالم الأكبر).
وقد وصف بعض الحاخامات القبَّالاه بأنها قامت بتجنيس الإله
وتأليه الجنس، وهذا وصف دقيق أيضاً للمنظومة الفرويدية على الأقل في جانبها الاختزالي
الشائع.
ومن نقاط الالتقاء بين الفكر القبَّالي والفكر الفرويدي المعرفة
أو (داث)، فداث في التراث القبَّالي تَنتُج من اتحاد (حوخماه) أو الحكمة و(بيناه)
أو الفهم. والحوخمـاه مفهـوم ذَكَري والبيـناه مفهـوم أنثوي، وبذا تكون داث النسل
المقدَّس لاتحادهما الخفي.
غير أن المعرفة (داث) تُستخدَم أيضاً في التوراة بمعنى الاتصال
الجنـسي، وأول اسـتخدام لهـا ورد في (تكوين 4: 1) بهـذا المعـنى، (وعرف آدم امرأته
حواء فحبلت..)، وقد تكرر استخدام الكلمة بالمعنى نفسه في مناسبات متعددة بعد ذلك.
ويذكر باكان أن الزوهار يتحدث عن الاتصال الجنسي بوصفه (الكشف
عن العرى)،
اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 150