اسم الکتاب : عدالة للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 51
السياسية)
وقد أصبح
التشريع بناء على هذا التعريف (مرسوما لصاحب السيادة)
ولذلك شن
المحدثون من العلماء حملة شديدة علي هذه الفكرة، وقالوا: إنه لا يمكن منع انحرافات
الحكام إلا إذا كان (رضا الشعب العام) دعامة أساسية في التشريع.. وأنكروا أي قانون
أو دستور لا يحرز رضا الجماهير ؛ وترتب علي ذلك أن ضوابط كثيرة يجمع علي صحتها
وإفادتها جميع أهل العلم ومعلمي الأخلاق لا يمكن تنفيذها، لأن الشعب لا يوافق
عليها.
فالأمريكيون
ـ مثلا ـ لم يتمكنوا من إدخال مشروع قرار يحرم الخمر، لأن الشعب لم يرض عنه.. كما
اضطر البريطانيون إلي إدخال تعديلات هامة في قانون عقوبة القتل، واضطروا إلي إباحة
أنواع محرمة من العلاقات الجنسية، علي الرغم من ضجيج المثقفين، واحتجاج علماء
القانون !
ليس هذا
فقط.. بل إن هناك مسألة أخرى تدل على تخبط المشرعين في هذا المجال.. إنها اختلافهم
حول قابلية القانون للتغير:
لقد لقيت
نظرة (القانون الطبيعي) رواجا كبيرا في العصور الوسطي، وفي العصور التي تلتها،
ومؤداها أن الطبيعة البشرية هي المصدر الحقيقي للتشريع: (فالطبيعة تطالب أن يكون
حق السيطرة والحكومة لمطالبها الطبيعية ودعائمها الرائدة. وقد أعطت الطبيعة هذه
الدعائم للإنسان في صورة (العقل)، ولذلك لابد من إقامة حكومة بقوة العقل)
وقد أعطت
هذه النظرية أساسا كونيا للمشرعين، فقيل :إنه لابد من دستور موحد صالح لكل
العصور.. وهذه هي نظرية علماء القرنين السابع والثامن عشر حول القانون.
ثم جاءت
مدرسة أخرى ادعت استحالة معرفة الأسس الكونية للدستور.. يقول (كوهلير) في هذا:
(ليس هناك دستور أبدي، وأي تشريع يصلح لعصر ما ليس- بالضرورة- صالحا
اسم الکتاب : عدالة للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 51