اسم الکتاب : عدالة للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 197
قلنا: فحدثنا عن التجلي الأول من تجليات الرفق في التكاليف
الشرعية.
قال: أول تجل من تجليات الرفق في التكاليف الشرعية هو أنها
جميعا متعلقة بالقدرة والاستطاعة، فهي تسقط مع العجز.. قال تعالى :﴿ لَا
يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا
اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا
وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا
وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ
الْكَافِرِينَ (286)﴾ (البقرة)
تأملوا جيدا هذه الآية الكريمة إنها المفتاح الذي يدلنا على
رحمة الله بعباده في هذا الباب.. فهو لا يكلفهم إلا بما يطيقون.. ولا يحاسبهم إلا
بما يعملون.. ثم إنه فوق ذلك كله يغفر لهم خطاياهم، ويتجاوز عن سيئاتهم.
لم يرد
تقرير هذا في تلك الآية فقط.. بل ورد في آيات كثيرة من القرآن الكريم.. وفي محال
مختلفة.. يقول تعالى :﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لاَ
نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ ﴾ (الأعراف: 42)، ويقول :﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ
الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا
الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا
وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ
أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152)﴾
(الأنعام)، ويقول :﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ
وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي
الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61) وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا
وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
(62)﴾ (المؤمنون)، ويقول :﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَنْ
قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لاَ يُكَلِّفُ اللهُ
نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا ﴾ (الطلاق:7)
هذه
الآيات جميعا تخاطب الإنسان، وتقول له: إن ربك لا يريد منك شيئا فوق طاقتك.. إنه
لا يريد منك إلا ما تستطيعه، وتقدر عليه، وهو في نفس الوقت في مصلحتك.
وبمثل
هذا وردت تعاليم النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فقد كان يبرز ـ بأقواله وسلوكه ودعوته ـ لأمته أهم
اسم الکتاب : عدالة للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 197