اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 685
بل إن الله تعالى جعل
اسم الرحمن علما على الذات الإلهية المقدسة، قال تعالى:﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ
ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾
(الاسراء: من الآية110)، وقال تعالى:﴿ وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ
قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ
فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي﴾ (طـه:90)
ومما يدل على دلالته
للذات أن الله تعالى نسب الملك للفظ الجلالة الدال عل الذات، كما قال
تعالى:﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ (الحج:56)
ونسبه إلى الرحمن، كما قال تعالى:﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ
لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيراً﴾ (الفرقان:26)،
وقال تعالى:﴿ يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ
الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً﴾ (طـه:109)، وقال تعالى:﴿ يَوْمَ
يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفّاً لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ
لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً﴾ (النبأ:38)
ولهذا ترد نسبة العباد
إلى الرحمن سواء من البشر، كما قال تعالى:﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ
الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ
قَالُوا سَلاماً﴾ (الفرقان:63)، أو من الملائكة، كما قال تعالى:﴿
وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا
خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلونَ﴾ (الزخرف:19)
ودلالته على الذات تعني
شموليته لكل شيء، فكل شيء قائم بالله، ولهذا يربط القرآن الكريم كل المظاهر
برحمانية الله سواء ما كان منها من باب الرحمة الخالصة، كقوله تعالى:﴿ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي
وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ
مَأْتِيّاً﴾ (مريم:61)
أو من باب الرحمة
الممزوجة بالآلام على حسب ما تقتضيه الأسماء الحسنى والحكمة الإلهية، كما قال
تعالى على لسان إبراهيم u:﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ
الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً﴾ (مريم:45)
فقد ذكر إبراهيم u الرحمن، ولم يقل الجبار ولا
القهار، للدلالة على أن العذاب لا
اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 685