اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 409
(مريم)
انظر هذه الرقة التي يخاطب بها
إبراهيم ـ عليه السلام ـ أباه رغم كفره بالله.. ورغم شدته عليه.. لقد ذكر القرآن
جواب الأب الشديد لابنه، فقال :﴿ قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا
إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً)
(مريم:46).. وما كان من إبراهيم ـ عليه السلام ـ إلا أن رد عليه بكل رقة :﴿
سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً)
(مريم:47)
بل ذكر القرآن الكريم أن
إبراهيم ـ عليه السلام ـ لازم الاستغفار لأبيه إلى أن نهي عن ذلك، قال تعالى
:﴿ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ
وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ
مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ﴾ (التوبة:114)
وهذه البراءة التي ذكرها الله
عن إبراهيم ـ عليه السلام ـ ليست براءة من الإحسان إليه، أو الأدب معه، بل هي
براءة من اتباعه على كفره ونصرته عليه.. كما قال تعالى يوصي المؤمنين :﴿
وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا
تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ
أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ) (لقمان:15)
وبمثل هذه الوصايا العظيمة
أوصانا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم.. فقد اعتبر العقوق من أكبر الكبائر.. ففي الحديث قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم:(ألا
أنبئكم بأكبر الكبائر -ثلاثا -؟) قلنا: بلى يا رسول الله، قال :( الإشراك بالله،
وعقوق الوالدين)، وكان متكئا فجلس فقال :( ألا وقول الزور وشهادة الزور)، فما زال
يكررها حتى قلنا ليته سكت)[1]
وقال a
:(الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس)[2]
وذكر a في
كتابه الذي كتبه إلى أهل اليمن وبعث به عمرو بن حزم : (وإن أكبر الكبائر عند الله
يوم القيامة الإشراك بالله، وقتل النفس المؤمنة بغير حق والفرار في سبيل الله يوم