اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 347
السعادة التي لا تعني إلا بقاء
بلا فناء، ولذة بلا عناء، وسرورا بلا حزن، وغنى بلا فقر، وكمالا بلا نقصان، وعزا
بلا ذل.. وفوق ذلك تكون أبد الآباد، وعلى وجه لا تنقصه تصرم الأحقاب والآماد، بل
لو قدّرنا الدنيا مملوءة بالدّرر، وقدّرنا طائراً يختطف في كل ألف سنة حبة واحدة
منها، لفنيت الدّرر ولم ينقص من أبد الآباد شيء.
فمثل هذه السعادة لا نحتاج إلى
استحثاث النفوس على طلبها، إذ أن كل يتسارع إلى ما هو أقل منها بكثير، ولا يصرفه
عنها كون الطريق إليها متوعراً، ومحوجاً إلى ترك لذات الدنيا، واحتمال أنواع من
التعب هنا.. فإن المدة في احتمال التعب منحصرة، والفائت فيها قليل.. واللذات
الدنيوية منصرمة منقضية.. والعاقل يتيسر عليه ترك القليل نقداً في طلب أضعافه
نسيئة.
ولذلك ترى الخلق كلهم في
التجارات والصناعات، وحتى في طلب العلم، يحتملون من الذل والخسران، والتعب والنصب،
ما يعظم مقاساته طمعاً في حصول لذة لهم في المستقبل، تزيد على ما يفوتهم في الحال
زيادة محدودة، فكيف لا يسمحون بتركه في الحال للتوصل إلى مزايا غير مقدرة ولا
محدودة.
قال آخر: إن سبب فتور الخلق عن
طلب هذا النوع من السعادة هو ضعف إيمانهم باليوم الآخر، وإلا فالعقل الناقص قاض
بالتشمير لسلوك طريق السعادة فضلاً عن الكامل.
قال آخر: لقد تأملت فرق الناس
في أمر الآخرة فوجدتهم أربع فرق:
اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 347