responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 346

ينتقم له.. نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة.. أتعب نفسه لآخرته، وأراح الناس من نفسه.. بعده عمن تباعد عنه زهد ونزاهة، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة، ليس تباعده بكبر وعظمة، ولا دنوه بمكر وخديعة..( [1]

العقل:

بعد أن تجولت على حلقات كثيرة سمعت فيها من هدي آل محمد وتربيتهم للنفوس، سرت مع المحاسبي إلى قسم آخر في (كلية التهذيب والترقي)، وقد رأيت على لافتة بابه هذا النص العجيب :﴿ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44) ﴾ (البقرة، وغيرها كثير)، فسألت المحاسبي عنه، فقال: في هذا القسم تخاطب العقول بما وضع الله فيها من المدارك.. فتربى النفوس من خلال ذلك.

دخلنا قاعة الدرس.. فرأيت تلاميذا كثيرين متحلقين في حلق مختلفة، وهم في منتهى الأدب والنظام، وقد تعجبت من ذلك إذ لم أر مراقبين ولا أساتذة كبارا يشرفون عليهم.. بل كانوا كلهم في سن المراهقة.. ومع ذلك كانوا كلهم في حكمة الشيوخ واتزانهم وانضباطهم[2].

اقتربنا من حلقة من الحلقات، فسمعنا شيخها الشاب يقول[3]: السعاة الحقيقية هي


[1] ذكرت الخطبة بطولها لأهميتها، ولاستمدادها التام من القرآن الكريم، ولتصويرها لشخصية الإنسان المسلم بأرقى صورها.

[2] سنذكر هنا ـ من خلال ما ورد في كتب السلوك الإسلامية ـ ما بنى عليه الإسلام تعامله مع النفس، وهو مما اشتركت في ذكره مدارس السلوك الإسلامية باختلاف توجهاتها.

[3]استفدنا الكثير من مادة هذا المبحث من كتاب (ميزان العمل) للإمام أبي حامد الغزالي، مع التصرف الذي يقتضيه المقام.

وقد قال الغزالي في مقدمة هذا الكتاب :( لما كانت السعادة التي هي مطلوب الأولين والآخرين لا تنال إلا بالعلم والعمل، وافتقر كل واحد منهما إلى الإحاطة بحقيقته ومقداره، ووجب معرفة العلم والتمييز بينه وبين غيره بمعيار، وفرغنا منه، وجب معرفة العمل المسعد، والتمييز بينه وبين العمل المشقي، فافتقر ذلك أيضاً إلى ميزان، فأردنا أن نخوض فيه ونبين أن الفتور عن طلب السعادة حماقة، ثم نبيّن العلم وطريق تحصيله، ثم نبيّن العمل المسعد وطريقه. وكل ذلك بطريقة تترقى عن حد طريق التقليد إلى حد الوضوح، لو استقصى بحقيقته وطوّل الكلم فيه ارتقى إلى حد البرهان على الشروط التي ذكرناها في (معيار العلم)، وإن كنا لسنا نطوّل الكلام به، ولكن نرشد إلى أصوله وقوانينه)

والكتاب في جملته خير ما يبين النظرة الإسلامية للتعامل مع النفس، وهو في نفس الوقت يرد على المقولات المختلفة التي تبرر للنفس سلوكاتها العشوائية غير المنضبطة.

واستفدنا كذلك من كتاب (تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين) للراغب الأصفهاني.

اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 346
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست