اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 341
الصراط المستقيم:
بعد أن تجولت
على حلقات كثيرة سمعت فيها من هدي محمد وتربيته للنفوس، وتمكنه منها، سرت مع
المحاسبي إلى قسم آخر في (كلية التهذيب والترقي)، وقد رأيت على لافتة بابه هذه
الآية: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ
عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} [الفاتحة: 6،
7]، فسألت المحاسبي عنه وعن سر الآية التي وضعت على بابه، فقال: إن النفس
الإنسانية تحتاج إلى نماذج ممتلئة بالطهر والعفاف والكمال الإنساني لتحتذي بها،
وتسير على هديها، ولهذا فإننا في هذا القسم نبحث عن هذه النماذج الطاهرة لنقتفي
أثرها، ونسير خلفها.
قلت: ألا
تكفي تلك التعاليم الراقية التي كنت سمعتها في القسمين السابقين؟
قال: بلى..
ولكن للشيطان منافذه التي يحول بها الخير شرا، والهداية ضلالة.
قلت: أيمكن
ذلك؟
قال: أجل..
وقد وقع في هذه الأمة من ذلك كثير من الصراع نتيجة انحرافهم عن الصراط المستقيم
الذي أمروا بالالتزام به، والتمسك بحبله.. لقد أشار رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم إلى ذلك، ففي الحديث عن ابن مسعود قال: خط لنا
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يوما خطا فقال: هذا سبيل الله،
ثم خط خطوطا عن يمين الخط ويساره وقال: هذه سُبل، على كل سبيل منه شيطان يدعوه، ثم
تلا: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا
السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [الأنعام: 153] يعني الخطوط التي عن يمينه ويساره[1].
قلت: ما دام
الأمر كما وصفت، وأن الشيطان قد مزج الخير بالشر، فصار الشر خيرا،