أخذونا وكأننا معهم على ميعاد،
ووضعونا في مغارة لا تختلف كثيرا عن القبور.
بعدها عرضونا على محكمة صورية
كان الكل فيها ملثما، فلم نميز أحدا منهم، وفيها حكم علينا بالإعدام.. وقد منوا
علينا فوهبونا عشرة أيام من الحياة، لنودع فيها الحياة، ونودع فيها ما استودعناه
ذاكرتنا من ذكريات.
في المغارة.. جلسنا جميعا، لا
ندري ما نفعل.. تفرست في وجوه الجالسين معي، فلم أجد فيها من الحزن ما كنت أتصور
أن يوجد، فقلت من دون أن أشعر: أراكم مطمئنين إلى الحكم الذي حكم علينا.. فهل
ترونه حكما عادلا؟
قال أحدهم: لقد كنت نفذت في يوم
من الأيام هذا الحكم على نفسي.. ولكني لم أنجح.. لقد وقف بعض المسلمين حائلا بيني
وبين تحقيقه.. ومن عجائب الأقدار أن المسلمين الذين بسببهم مدت حياتي مدة طويلة هم
أنفسهم الذين يريدون أن يضعوا حدا لحياتي.
قال آخر: إن ما حصل لك هو ما
حصل لي.. لقد قدمت نفسي ذات يوم لمقصلة الموت.. فوقف مسلم دون ذلك.. وها هو أخوه
ينفذ ما عجزت عنه.
قال آخر: لكأنكما تتحدثان عن
نفسي.. أنا نفسي حصل لي ما حصل لكما.
قال آخر: وأنا كذلك.
نطقوا جميعا: إن هذا من
العجائب.. كلنا حصل لنا ما تذكرون.
امتلأت عجبا بما سمعت.. فقلت
لهم: إن ما تذكرونه عجيب.. فحدثونا بأحاديثكم، فلا أرى هؤلاء أخرونا هذه الأيام
العشرة إلا ليسمع بعضنا حديث بعض.
^^^
التفت إلي الشيخ الصالح، وقال:
في هذه الرحلة لن أحدثك إلا بأحاديث هؤلاء العشرة الذين تعلمت منهم من سلام
الإسلام ما لم أتعلمه في حياتي جميعا.
لقد وصلت إلى قناعة كبيرة في
هذه الرحلة بأنه لا سلام إلا في الإسلام.. وأن الإسلام