ما سرنا قليلا حتى رأينا شابا ممتلئا شبابا، لكنه كان يصيح بغناء أقرب إلى النواح منه إلى الطرب:
جننا بليلى وهيَ جُنتْ بغيرِنا
وأخرى بنا مجنونةٌ لا نريدُها
وكان بجانبه شيخ حكيم يبدو أنه ذاق ما ذاق إخوانه من كأس الحب المسمومة، كان يقول له:
لا تأمنِ الأنثى زمانَك كلَّه
يوماً ولو حلفَتْ يميناً تكذبُ
تغري بطيبِ حد يثِها وكلامِها
وإِذا سَطَتْ فهي الثقيلُ الأشطبُ
وتوقَّ من غدرِ النساءِ خيانةً
فجميعُهن مكائدٌ لكَ تنصبُ
^^^
ما سرنا إلا قليلا حتى رأينا نفرا من الناس قد عقدوا حلقة كحلقات الذكر في تلك الفلاة.. وعلى كل منهم سيما الجنون التي يسمها الحب بأهله:
قال أحدهم:
ذكرتك والخطى يخطر بيننا
وقد نهلت مني المثقفة السمر
فوالله ما أدري وإني لصادق
أداء عراني من خيالك أم سحر
وقال الآخر:
ولقد ذكرتك والرماح نواهل
مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف
لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم
وقال آخر:
ذكرت سلمى وحر الوغا
كقلبي ساعة فارقتها
فشبهت سمر القنا قدها
وقد ملن نحوي فعانقتها