اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 123
قلنا: فما كان تأثير هذه التوجيهات عليكم؟
قال: لقد صار كل من في تلك القبيلة يصيح بقول الشاعر:
تشكى المحبون الصبابة ليتني
تحملت ما يلقون من بينهم وحدي
فكانت لقلبي لذة الحب كلها
فلم يلقها قبلي محب ولا بعدي
وبقول الآخر:
وددت بأن الحب يجمع كله
فيقذف في قلبي وينفلق الصدر
لا ينقضي ما في فؤادي من الهوى
ومن فرحي بالحب أو ينقضي العمر
وبقول الآخر:
وما سرني أني خلى من الهوى
ولو أن لي ما بين شرق ومغرب
قلنا: نرى أن كل ما ذكرته يكاد يكون سليما لا حرج فيه..
فلم نر مثل الحب عاطفة نبيلة؟
قال: صدقتم.. ولكن القبلة التي وجهنا إليها قومنا ملأتنا
بالصراع.. فلم نكن نشعر في لحظة من حياتنا بالسلام الذي عمر الله به كونه.. لقد
كانت حياة كل منا في يد محبوبه الذي سلم إليه أمره يجرعه من الهوان ما لا يذيقه
أعتى الطغاة لأعتى المجرمين.
قلنا: أكنتم تتألمون؟
قال: كلنا كان يتألم.. ومنا من مات بسبب ألمه.. لقد قال المتنبي يذكر ذلك:
وعذلت أهل العشق حتى ذقته
فعجبت كيف يموت من لا يعشق
ليس الموت وحده ما يلقاه العاشقون.. فالموت يستوي فيه كل
الناس.. إن الأمر أخطر من ذلك بكثير.
لقد قال لي بعض من بلي بهذه البلية منشدا:
وما عاقل في الناس يحمد أمره ويذكر
إلا وهو في الحب أحمق
وما من فتى ذاق بؤس معيشة
من الناس إلا ذاقها حين يعشق
اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 123