اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 102
وفي هذه الحالة يستقيم أمر
البلد، وينتظم العدل بسببه.
وهكذا النفس متى استعانت
بالعقل، وأدبت بحمية الغضب، وسلطتها على الشهوة، واستعانت بإحداهما على الأخرى
تارة بأن تقلل مرتبة الغضب وغلوائه بمخالفة الشهوة واستدراجها، وتارة بقمع الشهوة
وقهرها بتسليط الغضب والحمية عليها وتقبـيح مقتضياتها، اعتدلت قواها وحسنت
أخلاقها.
وينطبق عل من هذا حاله مع نفسه
قوله تعالى فيمن لم يخضع لغرائزه :﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ
وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى
(41)﴾ (النازعات)
أما إن كان خلاف ذلك، وأصبح
الحكم في الإنسان هواه وغرائزه، فإنه ينطبق عليه حينها قوله تعالى:﴿
أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ
وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ
يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23)﴾(الجاثية)
إن هذا المثل ينطبق تماما على
هذا المثل القرآني الجليل، قال تعالى :﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي
آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ
مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ
إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ
عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ
كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)
سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا
يَظْلِمُونَ (177)﴾ (الأعراف).. فقد اعتبر الله من خضع لغرائزه لتسيره كما
تشاء كلبا.. أو لا يختلف عن الكلب..
وكذلك هؤلاء الذين يقولون
للناس: (إن هذه هي غرائزكم.. فلا تكبتوها.. ) هم في الحقيقة يرمونهم كل مرة في
هاوية من البهيمية يصعب عليهم الخروج منها.
قلت: لم؟
قال: لأن النفس إذا تعودت شيئا
أدمنت عليه.. فإذا أدمنت بان لها أنه الأصل.. ثم يأتي هؤلاء المحللون ليضموه إلى
غرائز الإنسان.
اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 102