اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 101
؟
قال: لأن هذه الغرائز قد تشتط
وتنحرف، ويتولد عن انحرافها غرائز شاذة تنحرف بحقيقة الإنسان.. فيأتي هؤلاء،
فيتصورون أن الشذوذ أصل، وأن الانحراف استقامة..
قلت: فالإنسان مطالب بكبت
غرائزه إذن؟
قال: لا.. الإنسان مطالب
بالحفاظ على استقامة غرائزه حتى لا تخرج به عن الفطرة التي فطر عليها..
لقد ذكر الغزالي أمثلة ربما
تقرب لك هذا..
لقد ضرب مثالا عن حقيقة الإنسان
ـ التي هي روحه وسر وجوده ـ في بدنه كمثل ملك في مدينته ومملكته، فالبدن مملكة
النفس وعالمها ومستقرها ومدينتها، والجوارح وقواها بمنزلة الصناع والعملة، والقوة
العقلية المفكرة كالمشير الناصح والوزير العاقل، والشهوة كالعبد يجلب الطعام إلى
المدينة، والغضب والحمية كالحرس والشرطة.
أما العبد الجالب للطعام، والذي
يمثل الشهوة، فهو كذاب ماكر مخادع، يتمثل بصورة الناصح، وهو في علاقة عداء تام مع
الوزير الناصح حتى لا يخلو من منازعته ومعارضته ساعة.
فإذا كان الوالي في مملكته
مستغنياً في تدبـيراته بوزيره معرضاً عن إشارة هذا العبد الخبـيث، أدبه صاحب
شرطته، وساسه لوزيره وجعله مؤتمراً له مسلطاً من جهته على هذا العبد الخبـيث
وأتباعه وأنصاره، حتى يصير العبد مسوساً لا سائساً، ومأموراً مدبَراً لا أميراً
مدبِراً.
اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 101