محافظة كل بحر على خصائصه وحدوده المحدودة بوجود تلك الحواجز.
وأخيراً تمكن الإنسان من تصوير هذه الحواجز المتحركة المتعرجة بين البحار
المالحة عن طريق تقنية خاصة بالتصوير الحراري بواسطة الأقمار الصناعية، والتي تبين
أن مياه البحار وإن بدت جسماً واحداً، إلا أن هناك فروقاً كبيرة بين الكتل المائية
للبحار المختلفة، تظهر بألوان مختلفة تبعاً لاختلافها في درجة الحرارة.
سكت قليلا، ثم قال: ولكن ربما يكون مقصد القرآن من ذلك مياه البحار والأنهار.
علي: لا.. الآيات تتحدث عن البحار.. لدليلين:
أولهما أنها أطلقت لفظ البحرين بدون قيد، فدل ذلك على أن البحرين مالحان.
والثاني أن آيات سورة الرحمن بينت أن البحرين يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان،
وقد تبين أن المرجان لا يكون إلا في البحار المالحة، فدل ذلك على أن الآية تتحدث
عن بحرين مالحين، قال تعالى:﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ
وَالْمَرْجَان﴾ أي يخرج من كل منهما.
عالم المياه: فكيف علم محمد أن البحار المالحة تتمايز فيما بينها رغم
اتحادها في الأوصاف الظاهرة التي تدركها الأبصار والحواس، فكلها مالحة، زرقاء، ذات
أمواج، وفيها الأسماك وغيرها وكيف تتمايز وهي تلتقي مع بعضها؟
والمعروف أن المياه إذا اختلطت في إناء واحد تجانست، فكيف وعوامل المزج في
البحار كثيرة من مد وجزر وأمواج وتيارات وأعاصير؟
علي: لقد أشكل على بعض المفسرين الجمع بين اختلاط مياه البحار مع وجود البرزخ،
إذ أن وجود البرزخ الحاجز يقتضي منع الاختلاط، وذكر الاختلاط يقتضي عدم وجود
البرزخ.. فما ترى حلا لهذا الإشكال؟
عالم المياه: لقد حل العلم الحديث هذا الإشكال الذي سببه عدم معرفة المفسرين
الدقيقة بعلوم البحار.. فقد أثبت القرآن في قوله ﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ
يَلْتَقِيَان﴾ أن البحرين مختلطان، وهما