ناهيك عن معرفة البحار العميقة والحركات الداخلية في هذه المياه، كما لم
يكن بإمكان الإنسان الغوص في هذه الشواطئ إلا في حدود عشرين متراً، ولثواني معدودة
ليعاود التنفس من الهواء الجوي.
وحتى بعد ابتكار أجهزة التنفس للغواصين لم يتمكن الإنسان من الغوص أكثر من
ثلاثين متراً نظراً لازدياد ضغط الماء على جسم الغواص مع زيادة العمق، والذي يعادل
عند عمق ثلاثين متراً أربعة أضعاف الضغط الجوي على سطح الأرض[1]، وعندئذٍ يذوب غاز النتروجين في دم الغواص، ويؤثر على عمل مخه، فيفقده
السيطرة على حركاته، ويصاب الغواصون نتيجة لذلك بأمراض تعرف في الطب بأمراض
الغواصين، أما إذا نزل الغواص إلى أعماق بعيدة فإن ضغط الماء يكفي لهرس جسمه.
علي: فأنت متأكد ـ إذن ـ بأن الحقائق التي ذكرتها هذه الآية لم تعرف إلا في
قرننا هذا؟
عالم المياه: أجل.. وهذا ما دعاني إلى الاستغراب.. فبعد عام 1958م أي بعد
ثلاثة قرون من البحوث والدراسات العلمية وعلى أيدي أجيال متعاقبة من علماء البحار
توصل الإنسان إلى حقائق مدهشة.
منها أن البحر ينقسم إلى قسمين كبيرين:
أولهما ما نراه من البحر السطحي الذي تتخلله طاقة الشمس وأشعتها.
وثانيهما البحر العميق الذي تتلاشى فيه طاقة الشمس وأشعتها.
وقد توصلوا في هذا الباب إلى البحر العميق يختلف عن البحر السطحي في الحرارة
والكثافة والضغط ودرجة الإضاءة الشمسية، والكائنات التي تعيش في كل منهما.
علي: في أي محل تشير الآية إلى هذين البحرين؟
[1] ذلك لأن ضغط
الماء يزداد على الغواص بمقدار ضغط جوي واحد كلما نزل على عمق عشرة أمتار.