الجيولوجي: بل إني أرى فوق هذا في الآية التي تلوتها، والتي تقول:﴿
وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ ﴾ (لقمان:10) إشارة إلى الطريقة التي
تكونت بها الجبال البركانية بإلقاء مادتها من باطن الأرض إلى الأعلى، ثم عودتها
لتستقر على سطح الأرض.
ذلك أن أول الجبال تشكلا هي الجبال البركانية، فعندما تشكلت القارات بدأت في
شكل قشرةٍ صلبةٍ رقيقة تطفو على مادة الصهير الصخري، فأخذت تميد وتضطرب، فتشكلت
الجبال البركانية التي كانت تخرج من تحت تلك القشرة، فترمي بالصخور خارج سطح
الأرض، ثم تعود منجذبةً إلى الأرض وتتراكم بعضها فوق بعض مكونة الجبال، وتضغط
بأثقالها المتراكمة على الطبقة اللزجة، فتغرس فيها جذراً من مادة الجبل، الذي يكون
سبباً لثبات القشرة الأرضية واتزانها.
علي: لقد ورد في الحديث ما يشير إلى ما ذكرته،فقد قال a:(لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ جَعَلَتْ تَمِيدُ، فَخَلَقَ الْجِبَالَ فَعَادَ
بِهَا عَلَيْهَا} [1]
ففي قوله a:(فعاد بها عليها)، أي أن خلقها كان بخروجها من الأرض وعودتها عليها.
الجيولوجي: ولكن كيف عرف محمد كل هذا.. إن من ينظر إلى الجبال على سطح الأرض
لا يرى لها شكلاً يشبه الوتد أو المرساة، وإنما يراها كتلاً بارزة ترتفع فوق سطح
الأرض، كما عرفها الجغرافيون والجيولوجيون.
لا يمكن لأحدٍ أن يعرف شكلها الوتدي، أو الذي يشبه المرساة إلا إذا عرف جزءها
الغائر في الصهير البركاني في منطقة الوشاح، وكان من المستحيل لأحدٍ من البشر أن
يتصور شيئاً من ذلك حتى ظهرت نظرية سيرجورج ايري عام 1855م.
فمن أخبر محمداً بهذه الحقيقة الغائبة في باطن القشرة الأرضية وما تحتها على
أعماق
[1] الترمذي في
آخر كتاب التفسير من سننه واللفظ له، وقال حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا
الوجه.