responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكلمات المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 466

المسيحيين يعلمون أولادهم القرآن حرصا على تنمية قدراتهم البلاغية.. وقد فعل والدي ذلك.. فلذا تراني أحفظ القرآن.. لقد حفظته في الكتاب مع أولاد المسلمين.

قلت: فما الذي جعلك تصر على اعتباره أبلغ كلام وأفصحه؟

قال: أنت تعرف أن الكلام من حيث بلاغته ثلاثة أنواع: فمنه البليغ الرصين الجزل.. ومنه الفصيح القريب السهل.. ومنه الجائز الطلق الرسل.

كل الكلام البليغ لا يخرج عن هذه الأنواع.. فالقسم الأول أعلى طبقات الكلام وأرفعه.. والقسم الثاني أوسطه وأقصه.. والقسم الثالث أدناه وأقربه [1].

قلت: فأنت ترى أن القسم الأول هو الذي ينتمي إليه القرآن؟

قال: لو كان كذلك لما كان معجزا.. أو لكان معجزا بالنسبة للقسم الذي ينتمي إليه..

قلت: فإلى أي قسم ينتمي إذن؟

قال: إلى الأقسام الثلاثة.. لقد حازت بلاغات القرآن من كل قسم من هذه الأقسام حصة، وأخذت من كل نوع من أنواعها شعبة، فانتظم لها بامتزاج هذه الأوصاف نمط من الكلام يجمع صفتي الفخامة والعذوبة.. وما أصعب أن تجمع بين الفخامة والعذوبة.

قلت: لم؟

قال: لأنهما عند الإنفراد في نعوتهما كالمتضادين، فالعذوبة نتاج السهولة، والجزالة والمتانة تعالجان نوعاً من الوعورة.. فلهذا كان اجتماع الأمرين في نظمه، مع بعد كل واحد منهما على الآخر فضيلة خص بها القرآن.

قلت: فلم عجز البشر عن الإتيان بمثل هذا؟

قال: إن كل كلام لابد له من ثلاثة أمور: لفظ حامل، ومعنى قائم به، ورباط لهما ينظمهما..


[1] ذكر هذا النوع من الإعجاز البلاغي القرآني أبو سليمان حمد بن محمد بن إبرهيم الخطابي البستي (توفي سنة 388) في رسالته الوجيزة التي وضعها في بيان إعجاز القرآن، وهو من السابقين الباحثين في هذا الباب.

اسم الکتاب : الكلمات المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 466
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست