اسم الکتاب : الكلمات المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 325
بل إنه يعتبر عدم سلوك سبيل العقل نوعا من العبودية
للشياطين، فهو يقول:{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ
قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ
الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}(لقمان:21)
ولهذا أخبر القرآن أن الحجاب الأكبر بين هؤلاء الذين حجبوا
بأسلافهم عن عقولهم واتباع الحق هو عدم استعمال عقولهم.. لقد ورد فيه:{ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ
مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ
قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ}(هود:109)
ولهذا يذم القرآن كثيرا من لا يعقلون.. ويقصد بهم من لا
يستخدمون عقولهم، فهو يقول:{وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ
اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ}(المؤمنون:80).. وقد ورد هذا التوبيخ
(أفلا تعقلون) في القرآن أكثر من أربع عشرة مرة.
والقرآن يخبر عن الأسف الكبير الذي يقع فيه هؤلاء عندما
يكتشفون الأخطاء الكبرى التي وقعوا فيها بسبب حجب عقولهم، فيقول مخبرا عنهم:{ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا
نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}(الملك:10)
وانطلاقا من هذا نجد الأوامر القرآنية الكثيرة بالتثبت
وإعمال العقل قبل الحكم على أي شيء، فهو يقول:{ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ
لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ
عَنْهُ مَسْؤُولاً}(الاسراء:36)، ويقول:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ
بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى
مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}(الحجرات:6)
وهو يبين أن الغاية من إنزال القرآن هو عرضه على العقل
ليستفيد منه، فهو يقول:{ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}(الزخرف:3)،
ويقول:{ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ
تَعْقِلُونَ}(يوسف:2)
والقرآن بسبب هذا.. بسبب خضوعه أحكامه للعقل المجرد.. لم
يسر شيئا، ولم يكتم شيئا من الحقائق.. بل نهى أن يكتم شيء منه، فهو يقول:{ إِنَّ الَّذِينَ
يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى
اسم الکتاب : الكلمات المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 325