اسم الکتاب : الكلمات المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 238
رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (النحل:110)،
ومثلها ما ورد في نفس السورة:{ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ
بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ
بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (النحل:119)
فالظاهر من الآيتين تكرار (إنَّ) فيهما، وهذا يقتضى ـ حسب
تصورك ـ الاكتفاء بـ (إنَّ) الأولى، ثم إيراد خبرها، وهو فى الموضعين { لَغَفُورٌ
رَحِيمٌ } لكن هذا الظاهر خولف وأعيدت (إنَّ) مرة أخرى.
قلت: أجل.. وهو تكرار.
قال: لا.. لهذه المخالفة سبب معقول.. وهو طول الفصل بين
(إنَّ) الأولى وخبرها، وهذا أمر يُشعِر بتنافيه مع الغرض المسوقة من أجله (إنَّ) وهو
التوكيد. لهذا اقتضت البلاغة إعادتها لتلحظ النسبة بين الركنين على ما حقها أن
تكون عليه من التوكيد.
زيادة على ذلك، فإنه لو أن قارئاً تلا هاتين الآيتين دون
أن يكرر فيهما (إنَّ)، ثم تلاهما بتكرارها مرة أخرى لظهر له الفرق بين الحالتين:
قلق وضعف فى الأولى، وتناسق وقوة فى الثانية.
هذا فيما يتعلق بتكرار الأدوات.. ويمكنك أن تطبق مثل هذا
على كثير من هذا النوع.
هناك أيضا تكرار الكلمة مع أختها.. مثلما جاء في الآية:{ أُولَئِكَ الَّذِينَ
لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) (النمل:5).. لقد
تكررت (هم) مرتين، الأولى مبتدأ خبرها (الْأَخْسَرُونَ) والثانية ضمير فصل.
وقد جئ بهذا الضمير لغرض بلاغي مهم هو تأكيد النسبة بين
الطرفين الضمير المنفصل الأول وكلمة (الأخسرون )