إن كل آية منها ترسم صورة لا ترسمها غيرها من الآيات، وهي
بالتالي تبث معرفة لا تبثها غيرها من الآيات.
قلت: وعيت المعنى الديني الذي يتطلبه التكرار.. وأنا لا
أكاد أجادلك فيه، فإن تقرير المعاني الدينية تستدعي في أحيان كثيرة تكرير ذكرها
ليألفها الذهن، وينفعل لها.. ولكني أتحدث معك عن التكرار الذي لا يتوافق مع الذوق
الأدبي الرفيع.. لقد سمعتك تتحدث عن علاقة إيجاز القرآن بإعجازه.. فكيف يكون
موجزا، وفي نفس الوقت لا ينسجم مع هذا الذوق الأدبي الرفيع؟
قال: تريد أن نبحث إذن عن علاقة التكرار ببلاغة القرآن[1].
قلت: يمكنك أن تعبر بذلك.
قال: سأضرب لك مجامع أمثلة ترشد إلى غيرها.. ولنبدأ بما
يسمى بتكرار الأداة، وهي أن تكرر أدوات معانية لها معان بلاغية خاصة.
من ذلك مثلا هذه الآية:{ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ
لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ