اسم الکتاب : الكلمات المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 171
يبطل هذا الزعم.. لا يبطله الآن، ولكن يبطله ما سأدله عليك
من طرق البحث:
اذهب، وقارن بين أسلوب القرآن وأسلوب محمد.. وارجع في ذلك
إلى كتب الأحاديث التي جمعت أقوال محمد، وقارنها بالقرآن.. وكن صادقا في مقارنتك..
فستجد الفرق شاسعا بين الأسلوبين: فحديث محمد تتجلى فيه لغة المحادثة والتفهيم
والتعليم والخطابة في صورها ومعناها المألوف لدى العرب كافة، بخلاف أسلوب القرآن
الذي لا يُعرف له شبيه في أساليب العرب.
ثم إنك تشعر عند قراءة الحديث النبوي أنك أمام شخصية بشرية
تعتريها الخشية والمهابة والضعف أمام الله، بخلاف القرآن الذي يتراءى للقارىء من
خلال آياته أن مصدرها ذاتا جبارة عادلة حكيمة خالقة بارئة مصورة رحيمة لا تضعف حتى
في مواضع الرحمة.
فلو كان القرآن من كلام محمد لكان أسلوبه وأسلوب الأحاديث
سواء.. أنا وأنت لنا علاقة باللغة والتعبير.. ونحن نعلم أنه من المتعذر على الشخص
الواحد أن يكون له في بيانه أسلوبان يختلف أحدهما عن الآخر اختلافاً جذرياً.
لنترك هذا.. ونذهب إلى الغاية من نسبة ما ألفه إلى الله..
لقد كان أهل البلاغة يتمتعون عند العرب بمكانة رفيعة، ولو
أن محمدا نسب القرآن إلى نفسه لنال من الدنيا أكثر مما نالها بنسبة القرآن إلى
الله.
بل إنه لو فعل ذلك لُرفَع إلى مرتبة أسمى من مرتبة البشر،
فأي مصلحة أو غاية لمحمد في أن يؤلف القرآن ـ وهو عمل جبار معجز ـ ثم يكتفي بنسبته
لغيره؟
دعنا من كل هذا.. ولنذهب إلى القرآن نفسه.. إنه الوثيقة
التي نتهم محمدا بأنه افتراها على الله.. فلنذهب إليها، ولندرسها دراسة موضوعية
لنرى مدى صدق هذا الادعاء..
هل يمكن لرجل أن يفتري على ربه كلاما يعاتب فيه نفسه بمثل
هذا العتاب الشديد:{ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى
يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ } (التوبة:43)
اسم الکتاب : الكلمات المقدسة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 171