responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الباحثون عن الله رواية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 45

الأساس المادي الذي كنت أفسر به الكون جميعا..

لقد كنت أرى بأن جميع الأشياء الطبيعية تنشأ في نهاية المطاف عن تفاعلات بين جسيمات تتكون منها هذه الأشياء.. فالماء سائل لأن جزيئاته تنزلق بجانب بعضها بعضا بقليل من الاحتكاك.. والمطاط متمغط لأن جزيئاته بحكم مرونتها تغير شكلها بسهولة.. وهكذا قست الأمر على العقل.

وقد أكد لي هذا النظر أساتذتي الكبار الذي تتلمذت على أيديهم..

منهم عالم الأحياء الشهير توماس هـ. هكسلي[16].. لقد علمني هذا الأستاذ أن الأفكار التي أعبر عنها بالنطق، إنما هي عبارة عن تغيرات جزيئية.. فخير طريقة للبحث في العقل هي إظهار كيفية انبثاق العقل من المادة.

لقد كنت أحمل مع هذه التصورات مفاهيم خاطئة عن العقل الإنساني.. فقد كنت أتصور أن العقل البشري لايستطيع أن يختار بحرية، لأن المادة لا تتصرف إلا بضرورة ميكانيكية.. ولهذا فقد كنت أميل إلى تفسير تصرفات الإنسان بلغة الغريزة، و(علم وظائف الأعضاء)، والكيمياء والفيزياء، لأنه لا مجال لحرية الاختيار.. فالتغيرات المادية هي التي تسبب الأفكار، لا العكس.

ومن المستلزمات التي نتجت عن هذه التصورات.. والتي كنت أوقن بها يقينا لا شك فيه هو أن لاشيء في الإنسان يمكن أن يبقى بعد الموت.. فإذا كان التفكير والإرادة نشاطين من أنشطة الدماغ، فليس هناك سبب يجعلنا نفترض أن هذين النشاطين يمكن أن يستمرا بعد فناء الدماغ.. وإذا كان كل جزء من أجزاء الإنسان مادة فلابد من أن يكون كل جزء منه عرضه للفناء.. فلا خلود إلا للمادة.


[16] هو تُومَاس هِنرِي هَكْسِلِي (1825 - 1895م). عالم حيوان ومحاضر ومؤلف.. وكان من الذين مالوا إلى نظرية تشارلز داروين التحليلية الخاصة بالتطور العضوي، كما أنه توسّع في هذه النظرية ودافع عنها.

اسم الکتاب : الباحثون عن الله رواية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 45
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست