اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 78
اتخذ أصحابه من العلم سبيلاً لتنوير العقل
وتحريره من ظلمة الجهل ونشر المعارف الحديثة، ومن الصحافة طريقاً لتثقيف الرأي
العام وتربيته وتوعيته، ومن النقد درباً للوقوف على الحقيقية[1].
انطلاقا من هذا فهم (التنوير) في العالم الإسلامي
فهمان متناقضان، ولكل منهما رواده ومفكروه ومشروعه الإصلاحي:
أما الفهم الأول،
فأخذ من التنوير صورة مطابقة للأصل الغربي، فعرف (التنوير) بأنه (الاتصال المباشر
بالغرب واقتفاء أثر الفلاسفة العقليين الأحرار في إعادة بناء الحضارة العربية
الحديثة) [2]
وعرفه آخر: بأنه حركة
فكرية عقلية إلحادية، أنكر أصحابها وجود الله، والكتب السماوية، والبعث، والآخرة،
وانصبت جهودهم على إصلاح المجتمع[3].
وأما الفهم الثاني،
فأخذ روح التنوير ومبادئه الكبرى دون انحرافاته المتمثلة في الإلحاد والمواجهة
التامة مع الدين، لأن الإسلام ليس كالمسيحية، وقد عوض ذلك بمواجهة الأفكار الدخيلة
على الإسلام، ولهذا ربط بين السلفية والتنوير، وقد كان على هذا النهج (محمد عبده) فقد وصف الأمم
المتنورة بأنها الأمم المتمدينة؛ فهو يوحد بين (التنوير والتمدن)، ولا يربط بين
التنوير والإلحاد.
بل إن
بعض المفكرين المسلمين يعرفون (التنوير) بأنه (اتباع النور والهدى المبين، واقتفاء
أثر النبي عليه الصلاة والسلام)، ووصفوه بأنه الفجر الذي يبدد ظلمات الجهل
[1] عبد المنعم الحفني، موسوعة الفلسفة والفلاسفة، ج 1، مكتبة مدبولي، القاهرة، ط2،
1999،. ص 504، - وأيضاً عصمت نصار، اتجاهات فلسفية معاصرة، في بنية الثقافة
الإسلامية، دار الهداية للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، ط 2003 ،1، ص 12.