اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 34
ويدل
على ذلك أن السلفية المحافظة وإلى الآن تعتبر محمد عبده ممثل السلفية التنويرية
مبتدعا ضالا، إلى غيرها من المواصفات التي تصفه بها.
ومثل ذلك نجد محمد عمارة الذي يصرح بأنه امتداد
للسلفية التنويرية ينتقد التيار السلفي المحافظ انتقادا حادا إلى درجة اعتباره
خطرا على الإسلام[1].
ولكنا مع ذلك يمكننا -
بشيء من التحفظ - أن نذكر بأن جمعية العلماء - وخصوصا في موقفها من الطرق الصوفية
- حاولت أن تمزج بين كلتا السلفيتين، فهي ترد على التخلف الطرقي والخرافة الطرقية
باعتبارها سلفية تنويرية، وترد على تفاصيل الممارسات الطرقية بالأدلة التي تراها
باعتبارها سلفية محافظة، ولهذا نراها تستعير من رسائل الوهابية وكتبها ما تدعم به
مقولاتها.
ومع ذلك، فإن هذا لا
يعني أن جمعية العلماء تقمصت كلتا المدرستين تقمصا كليا، أو أنها تلقت تعاليمها
منهما فقط، وإنما هناك اتفاق كبير بينها وبين كلتا المدرستين، ويوضح هذا أن ابن
باديس يخبر عن نفسه أنه اتهم
بالعبدوية[2]، كما اتهم بعد ذلك
بالوهابية من غير أن يكون له اطلاع كبير على مؤلفات كليهما، يقول في ذلك في مقال
تحت عنوان (عبداويون، ثم وهابيون، ثم ماذا؟): (لما قفلنا من الحجاز وحللنا
بقسنطينة عام 1932 م، وعزمنا على القيام بالتدريس أدخلنا في برنامج دروسنا تعليم
اللغة وأدبها، والتفسير، والحديث، والأصول، ومبادئ التاريخ، ومبادئ الجغرافية،
ومبادئ الحساب، وغير هذا.. ونحبب الناس في فهم القرآن، وندعو الطلبة إلى الفكر
والنظر في الفروع الفقهية، والعمل على ربطها بأدلتها الشرعية، ونرغبهم في مطالعة
كتب الأقدمين ومؤلفات المعاصرين، لما
[1] صرح بذلك في مواضع كثيرة
من كتبه منها قوله مثلا: (نحن في مواجهة خطر السلفية النصوصية) (المعتزلة.. ص(5)
وانظر كتبه: (نظرة جديدة..) ص(13)، و(الإسلام والمستقبل)، ص(249).