اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 269
ولهذا
ابتعد الشيخ وأتباعه عن الممارسات السياسة التي كانت تمارسها بعض الحركات الوطنية
في ذلك الحين، واقتصروا على تعميق الدين في المجتمع بإحياء الشعائر التعبدية
ومقاومة الانحرافات الخلقية، وقد وصف الشيخ محمد السعيد الزاهري – بعد أن تخلى عن حربه
للطريقة العلاوية- الشيخ ابن عليوة بأنه من دعاة الإصلاح
الديني الإسلامي، في الوقت الذي يعتبر نفسه ضمن تيار الإصلاح الوطني السياسي[1].
وهذا أيضا ما صرح به
محمد العوادي الذي وصف الشيخ ابن
عليوة بقوله: (
كان الأستاذ العلوي رجلا دينيا محضا، لا يحب من الأحزاب السياسية إلا ما يقرر
ترجيح الديانة على السياسة، ولا تربطه به أية رابطة سواها) [2]
ولعل هذا ما جعل الشيخ
ابن عليوة يظهر بصورة المدافع عن
الاستعمار عندما يعاتب أو يوبخ الشعب الجزائري على تقصيره في الالتزام بالدين، فهو
يذكر أن (حالة مسلمي الجزائر الدينية اليوم ليست هي عين حالتهم
بالأمس.. بل لا يوجد فيما بين الحالتين أدنى شبه إذا قابلنا ما بين مساجدنا الآن،
وبين عددها بالأمس.. فعدد مساجد مدينة الجزائر وحدها كان يزيد على المائة مسجد ما
بين حنفي ومالكي فضلا عن المدارس والزوايا وعدد مساجدها الآن لا يتجاوز عدد الخمسة) [3]
ثم يعقب على بيان السبب
في هذا، وهو عنده ليس المستعمر، بل الشعب نفسه، بل إنه يكيل للمستعمر الثناء في
تنوير الشعب[4]، ويلومه في نفس الوقت
لأنه لم يفقه الطريق الحقيقية المؤدية إلى الإصلاح، يقول في ذلك: ( فكم
هذا والقطر الجزائري متسربلا بالراية
[4] نحب أن ننبه هنا إلى أن
ما اقتبسناه من نصوص عن ثناء ابن عليوة على الاستعمار، والتي كانت من باب المجاملات التي تستخدم لتحقيق
المصالح العامة، قد ورد مثلها كثير عن كثير من الحركات الوطنية، بما فيها جمعية
العلماء المسلمين أنفسهم.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 269