اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 264
وقد ذكر
الدكتور عبد اللطيف الشاذلي العلاقة القديمة بين
التصوف والتكافل الاجتماعي، فقال: (تمثل عمليات الإيواء والإطعام عنصرا أساسيا في
الجهاز الصوفي.. وهو نظام تطوعي تكافلي مبني على التعامل بالمثل بكيفية توفر لكل
مسافر من الصوفية إمكانية الاستفادة من بنية استقبال في أي مكان ذهب إليه)[1]
ولا حاجة لنا إلى الأمثلة عن دور الزوايا الجزائرية
في هذا الجانب، فهو معروف مشتهر، فالزوايا تقوم باستقبال كل أصناف الناس حتى
المجانين منهم، لتكفلهم، أو تسخرهم في أعمال الزاوية الكثيرة، أو ليصبحوا بعد ذلك
مريدين للطريقة التي تنتمي إليها.
أما المصادر التي تؤهل
الزاوية للقيام بهذه الوظيفة، فتتمثل في الاشتراك الذي يقدم من طرف المريدين،
والذي يطلق عليه في مصطلح الطرق الصوفية (الزيارة)، ويعطى عادة للشيخ أو أحد
مقدميه، تعبيرا عن الولاء والطاعة، وهو عبارة عن عطاءات عينية ونقدية، وهي واجبة
ومحددة، وعادة يرسل المقدم الشاوش إلى من تخلف من الأتباع في دفعها لتحصيلها، ولكن
غالبا ما كانت عملية الدفع تتم عن طيب خاطر[2]، وهي بذلك لا تختلف عن
الاشتراك الذي يقدم في التنظيمات الحزبية أو النقابية.
بالإضافة إلى أموال الزكاة، والتي كانت من المصادر
المهمة لمداخيل الزوايا، وقد كان هذا من مواضع الخلاف بين جمعية العلماء والطرق
الصوفية، فقد كان الإصلاحيون يرون حرمة أخذ الزوايا للزكاة باعتبارهم ليسوا من
الأصناف الثمانية الذين شرعت لأجلهم الزكاة، وكما هو معلوم، فقد كان مقصودهم
الأكبر بهذا الشيخ ابن عليوة. وقد نشرت جريدة النجاح مقالا يتساءل فيه
صاحبه عما يدفع من الأموال لأرباب الزوايا أو يستجلبونه بواسطة
[1] د. الشاذلي عبد اللطيف، التصوف والمجتمع نموذج القرن العاشر الهجري، مطبعة
سلا ،1989، منشورة جامعة الحسن الثاني، ص، 134.
[2] أبو القاسم سعد الله: تاريخ الجزائر الثقافي، ج 4، المرجع السابق. ص 20.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 264