اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 206
دون تمثل
حقائق الأشياء في القلب، فيذكر أن (المرآة لا تنكشف فيها الصورة لخمسة أمور: أحدها
نقصان صورتها كجوهر الحديد قبل أن يدور ويشكل ويصقل، والثاني لخنثه وصدئه وكدورته
وإن كان تام الشكل، والثالث لكونه معدولا به عن جهة الصورة إلى غيرها كما إذا كانت
الصورة وراء المرآة، والرابع لحجاب مرسل بين المرآة والصورة، والخامس للجهل
بالجهة التي فيها الصورة المطلوبة حتى يتعذر بسببه أن يحاذي بها شطر الصورة
وجهتها)[1]
ويطبق هذه الأسباب
الخمسة على محل الإدراك الروحاني من الإنسان، والذي يعبر عنه بالقلب فيقول: (فكذلك
القلب مرآة مستعدة لأن ينجلي فيها حقيقة الحق في الأمور كلها، وإنما خلت القلوب عن
العلوم التي خلت عنها لهذه الأسباب الخمسة: أولها نقصان في ذاته كقلب الصبي فإنه
لا ينجلي له المعلومات لنقصانه.. والثاني لكدورة المعاصي والخبث الذي يتراكم على
وجه القلب من كثرة الشهوات، فإن ذلك يمنع صفاء القلب وجلاءه فيمتنع ظهور الحق فيه
لظلمته وتراكمه.. الثالث أن يكون معدولا به عن جهة الحقيقة المطلوبة فإن قلب
المطيع الصالح وإن كان صافيا فإنه ليس يتضح فيه جلية الحق، لأنه ليس يطلب الحق
وليس محاذيا بمرآته شطر المطلوب، بل ربما يكون متسوعب الهم بتفصيل الطاعات البدنية
أو بتهيئة أسباب المعيشة ولا يصرف فكره إلى التأمل في حضرة الربوبية والحقائق
الخفية الإلهية، فلا ينكشف له إلا ما هو متفكر فيه من دقائق آفات الأعمال وخفايا
عيوب النفس إن كان متفكرا فيها أو مصالح المعيشة إن كان متفكرا فيها.. الرابع
الحجاب فإن المطيع القاهر لشهواته المتجرد الفكر في حقيقة من الحقائق قد لا ينكشف
له ذلك لكونه محجوبا عنه باعتقاد سبق إليه منذ الصبا على سبيل التقليد والقبول
بحسن الظن، فإن ذلك يحول بينه وبين حقيقة الحق، ويمنع من أن ينكشف في قلبه خلاف ما
تلقفه من ظاهر التقليد.. الخامس