اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 169
وإذا
اغتاب مثلا بطل صومه في الطريقة وإذا أثبت ما سوى الله بطل صومه في الحقيقة)[1]
ويذكر ابن عليوة أن القرآن أشار الى هذه
المقامات الثلاث، وقدم أهل الشهادة في قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ
فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، أي فمن
حصل على مقام فليتعين عليه الصوم على الوجه الأكمل، ومن كان مريضا وهو عبارة عن
المحجوب المتقاعد عن طلب الله، أو على لسفر أي سائر في الطريق، فعدة من أيام أخر،
بمعنى لهم حكم غير حكم أهل المشاهدة)[2]
وهذا الكلام واضح لمن
تأمله، بل هو يشير إلى أن الصوفية لا يرضون من الدين مجرد الحركات الظاهرة البعيدة
عن المقاصد التي قصدت لأجلها الشعائر التعبدية، وقد عجبت لما كتبته الباحثة أنيسة
زغدود في رسالة جامعية محترمة
عنوانها (جهود جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في مقاومة الانحرافات الطرقية)
تستنكر هذا القول، ثم لا تعتمد دليلا على هذا الاستنكار سوى قولها: (ونحن نتساءل
من أين استنبط ابن عليوة هذا الحكم الصوفي، وعلى
أي أساس قسم درجات الصوم بين الشريعة والطريقة والحقيقة؟)[3]
مع أن هناك نصوصا كثيرة جدا نقلتها في رسالتها عن
الجمعية، ولم يذكروا لها أي دليل، ومع ذلك قبلتها من غير أن تطالبهم بدليل.
بعد هذا التعقيب الذي رأينا ضرورته، ومن خلال الأمثلة
التي سقناها وتطبيقاتها نرى الشريعة محدودة لا يزاد فيها ولا ينقص، ولا مجال فيها
للآراء والتجارب، بخلاف الطريقة، فقد نجد مثلا شخصا استطاع ببعض الرياضة أن يصير
خاشعا في صلاته فنستفيد منه في
[1] الشيخ ابن عليوة، المنح القدوسية، المطبعة العلاوية، مستغانم، الطبعة الثانية،
ص315.
[2] أحمد مصطفى العلاوي، البحر المسجور في تفسير القرآن بمحض النور،، المطبعة العلوية، مستغانم، 2/140.
[3] أنيسة زغدود، جهود جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في مقاومة الانحرافات
الطرقية، راسلة ماجستير بإشراف: د. محمد زرمان، ص196.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 169