اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 166
بها
المريد الصوفي من العموم إلى الخصوص، أو هي المرحلة التي ينتقل فيها المريد من
رعاية جوارحه إلى رعاية قلبه، أو هي المرحلة التي لا يكتفي فيها المريد باسم
الإسلام، وإنما ينتقل إلى اسم الإيمان، كما أشار إلى ذلك قوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ
آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ
الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 14]
وبناء على هذا يرى الصوفية أنه لا تنافر بين هذه
الثلاثة، بل هي مراحل في التعمق في التحقق بالدين، لا على مستوى الجوارح فقط، بل
على مستوى الكيان كله.
وقد سئل الشيخ ابن عليوة عن معنى الشريعة،
والطريقة، والحقيقة، وهل هناك تنافر بينها، وكان مما أجاب به قوله: (إنّ الشريعة
هي عبارة عن الأحكام المنزلة على سيدنا محمد a المستفادة من قوله
تعالى : {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } [الحشر: 7] ،
والطريقة هي عبارة عن تطبيق تلك الأحكام على أعمال المكلّف، ظاهرا وباطنا، تطبيقا
محكما، والحقيقة هي ما يحصل للمريد من المعارف والعلوم الناشئة عن أعماله، قال
تعالى : {واتَّقوا اللهَ ويُعَلِّمُكُمُ اللهُ } [البقرة: 282]، وإذا
لا تنافر بهذا الاعتبار، إنّما هي ألفاظ منها ما وضع لتدل على الأحكام المجرّدة
باصطلاح، ومنها ما وضع لتدل على العمل بها، ومنها ما وضع لتدلّ على النتائج
الحاصلة عن ذلك العمل، وإذا حققت لم تجد هناك إلاّ الشريعة)[1]
فقال السائل : ولم سمينا
تطبيق أوامر الشرع على أفعال المكلّف بالطريقة، وما هي
المناسبــــــــــــــــــة؟ فأجاب قائلا: ( إنّ تطبيقه ذلك يعتبر منه تزحزحا في
سبيل القرب إلى الله عزّ وجلّ، لما في الحديث القدسيّ: (ما تقرّب إليّ عبدي بشيء
أحبّ إليّ ممّا افترضته
[1] ابن عليوة، أعذب المناهل في الأجوبة والمسائل، نقلا عن: صفحات مطوية في التصوف الإسلامي،
ص154.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 166