اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 150
الفصل الثانی
الاتجاه اللفکری للطرق الصوفیه ومشروعها
الاصلاحی
إن المقارنة العلمية المنهجية بين كلا التيارين:
الجمعية والطرق الصوفية، تقتضي منا أن لا نقصر نظرنا على بعض الظواهر السلوكية
التي يمارسها بعض الصوفية أو كل الصوفية من غير أن نرجع إلى البحث عن المصادر
الفكرية التي أنتجت تلك السلوكات.
وذلك لأنا رأينا أن الكثير من البحوث - مع
كونها علمية أكاديمية - إلا أنها تنتقي بعض الظواهر، كالرقص الصوفي مثلا، أو بعض
الحركات البهلوانية التي تقوم بها بعض الطرق الصوفية، لتنتج منها فيلما تسيمه
(الطرق الصوفية)، من غير أن يكون في ذلك الفيلم أي حوار، لا مع الممثلين، ولا مع
من يديرهم، لتعرف سر حركاتهم، أو لتتجاوز حركاتهم إلى المعاني التي يعيشونها أو
الأفكار التي يحملونها.
وهذه النظرة – للأسف – هي التي حكمت على عقول المتنورين من
أبناء الجمعية، وحجبتهم عن أن يعرفوا جلية ما يمارسه الصوفية، وما يريدون من خلال
تلك الممارسات، فهم اكتفوا بما رأوا، وبما اشمأزت له نفوسهم، ولم يتركوا للطرف
الآخر الفرصة ليحاورهم[1]، وليحدثهم عن فكره ومشاريعه.
ولا نخفي أن بعض تلك المظاهر سيئ للغاية،
تشمئز له النفس، ويأنف منه العقل، ولكن هل يخضع الباحث لاشمئزازه، أم يجعله
اشمئزازه يبحث عن الحقيقة.
وأول خطوة يخطوها الباحث عن الحقيقة هو
البعد عن التعميم، فليست كل الطرق تمارس تلك الحركات التي تشمئز لها النفس، وليست
كل حركة تشمئز لها النفس حركة
[1] عرفنا فيما سبق رفض
الجمعية للحوار مع الصوفية، وذلك من خلال رفضهم للصلح أو للمناظرة، وسنرى المزيد
من الشواهد على هذا في المحال المناسبة.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 150