اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 133
لم تكتف الجمعية بالاهتمام بالتعليم
الابتدائي ونحوه في المساجد والكتاتيب، بل راحت تبحث في تأسيس معاهد ومدارس عليا
لتخريج الإطارات التي تساهم في نشر الإصلاح.
ولعلها استلهمت هذه الفكرة كما ذكرنا سابقا من
المدرسة الشرعية التي أسسها محمد رشيد رضا، والتي أراد منها أن تنشر الدعاة في
العالم الإسلامي.
ولهذا الغرض أنشأت
الجمعيّة دار الحديث بتلمسان، والتي أريد لها أن تكون مدرسة عليا تضاهي مدارس
الإسلام التاريخية، وقد قال البشير الإبراهيمي في حفل افتتاحها: (لقد
حملني إخوانكم التلمسانيون أمانة يجب علي أن أبلغها إليكم وهي أنهم يسلّمون عليكم
ويعاهدونكم على التفاني في خدمة الجمعية ونشر مبادئها، ويبشّرونكم بأنهم شيّدوا
للإسلام والعربية معهدًا لم يكن له نظير في تاريخ الجزائر الحديث، كما أنهم يتشوّقون
ويتشرّفون أن يكون فتح هذا المعهد لأوّل مرّة بيد علامة الجزائر وزعيم نهضتها
الأستاذ عبد الحميد بن باديس، وهذا المعهد هو مدرسة
(دار الحديث)، المسمّاة على دار الحديث الأشرفية التي أسّست منذ قرون في دمشق
الشام، تلك المدرسة التاريخية التي تخرّج منها أئمة في العلم وفحول في الأدب،
والتي كان من مدرّسيها الإمام الحافظ محي الدين النووي والإمام النظار تقي
الدين السبكي)[1]
وأنشأت الجمعية لهذا الغرض كذلك معهد ابن باديس بقسنطينة، وقد دعا إلى تأسيسه الشيخ
الإبراهيمي بعد أن أهمه مصيرُ التلاميذ الذين أنهوا
مرحلة التعليم الابتدائي بمدارس الجمعية، ففكر في تأسيس معهد يكون عنوان مرحلة
جديدة في جهاد الشعب الجزائري الحضاري، يستكمل فيها أولئك التلاميذ دراستهم.
[1] انظر: الشهاب، السنة 13، العدد 8، أكتوبر 1937: من افتتاحية (الشهاب) المخصصة للمؤتمر السنوي العام لجمعية العلماء، عنوانها (في عيد
النهضة الجزائرية الحديثة) بقلم فرحات الدراجي، وانظر: آثار الإبراهيمي: 1/306.
اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 133