اسم الکتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 102
ما في
القرآن الكريم من بيان في هذا الباب، ولهذا دعا إلى تأسيس علم السنن وتدوينه،
فيقول: (إرشاد الله إيانا إلى أن له في خلقه سنناً يوجب علينا أن تجعل هذه السنن
علماً من العلوم المدونة لنستديم ما فيها من الهداية والموعظة على أجمل وجه، فيجب
على الأمة في مجموعها أن يكون لهم قوم يبينون لهم سنن الله في خلقه كما فعلوا في
غير هذا العلم من العلوم والفنون التي أرشد عليها بالقرآن بالإجمال وقد بينها
العلماء بالتفصيل عملاً بإرشاده كالتوحيد والأصول والفقه، والعلم بسنن الله تعالى
من أهم العلوم وأنفعها والقرآن يحيل عليه في مواضع كثيرة وقد دلنا على مأخذه من
أحوال الأمم إذ أمرنا أن نسير في الأرض لاجتلائها ومعرفة حقيقتها)[1]
وهو يرد على الاعتراض
الموجه عادة من طرف السلفية المحافظة، والذي ينص على أن السلف لم يدونوا هذا العلم
فيذكر أنهم لم يدونوه كما لم يدونوا باقي العلوم، ولكنهم كانوا يدركونه ويحسنون
توظيفه في النصر والتجارب وإن لم يسموه باسمه فليسمه الناس (علم السنن) أو (علم
الاجتماع) أو (علم السياسية الدينية) فلا حرج في التسمية[2].
ويذكر فضائل هذا العلم
مرغبا فيه، فيقول: (إن علم السنن أعظم الوسائل لكمال العلم بالله –تعالى- وصفاته ومن أقرب
الطرق إليه وأقوى الآيات الدالة عليه وهو أعظم العلوم التي يرتقي بها البشر في
الحياة الاجتماعية المدنية فيكونون بها أعزاء أقوياء سعداء وإنما يرجى الاستفادة
منه إذا نظر فيه إلى الوجه الرباني والوجه الإنساني جميعاً)[3]
وهو يعتب على تقصير
المسلمين في الأخذ بهذا العلم مع أهميته، فيذكر أن المفسرين المتقدمين منهم
والمتأخرين (لم يقصروا في شئ من علم الكتاب والسنة كما قصروا في بيان