responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : النوازل الفقهية و مناهج الفقهاء في التعامل معها المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 78

ومع كون أكثر الفقهاء ينكرون تتبع الرخص، إلا أنه ظهر ولا يزال يظهر من الفقهاء من لا يرى حرجا في تتبع الرخص، ويفتي على أساسها، وقد ذكر الشاطبي مدى انتشار ذلك في زمانه، فقال:( وقد زاد هذا الأمر على قدر الكفاية؛ حتى صار الخلاف في المسائل معدودا في حجج الإباحة، ووقع فيما تقدم وتأخر من الزمان الاعتماد في جواز الفعل على كونه مختلفا فيه بين أهل العلم، لا بمعنى مراعاة الخلاف[1]؛ فإن له نظرا آخر، بل في غير ذلك، فربما وقع الإفتاء في المسألة بالمنع؛ فيقال: لم تمنع والمسألة مختلف فيها، فيجعل الخلاف حجة في الجواز لمجرد كونها مختلفا فيها، لا لدليل يدل على صحة مذهب الجواز، ولا لتقليد من هو أولى بالتقليد من القائل بالمنع، وهو عين الخطأ على الشريعة حيث جعل ما ليس بمعتمد متعمدا، وما ليس بحجة حجة)[2]

وقد اعتبر الشاطبي هذا من تتبع الهوى، ومتنافيا مع الاستقامة والتقوى التي أمرت بها الشريعة، فقال: (والقائل بهذا راجع إلى أن يتبع ما يشتهيه، ويجعل القول الموافق حجة له ويدرأ بها عن نفسه، فهو قد أخذ القول وسيلة إلى اتباع هواه، لا وسيلة إلى تقواه، وذلك أبعد له من أن يكون ممتثلا لأمر الشارع، وأقرب إلى أن يكون ممن اتخذ إلهه هواه)[3]

والأمر الأخطر في هذا الباب هو ما أشار إليه الشاطبي من قيام بعض المفتين بالانتقاء في الفتوى، فيفتي لكل شخص بحسبه في المسألة الواحدة، لا مراعاة لحاله، وإنما مراعاة لأمور أخرى عبر عنها بقوله: (وقد أدى إغفال هذا الأصل إلى أن صار كثير


[1] سنتحدث عنه في منهج التشديد.

[2] الموافقات، ج5، ص92.

[3] المرجع السابق، ج5، ص92.

اسم الکتاب : النوازل الفقهية و مناهج الفقهاء في التعامل معها المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 78
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست